وَلا
يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ ...) . وقال تعالى : (كَيْفَ وَإِنْ
يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ
بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ ...) .
ولا يخفى أنّ
الآيات المزبورة ليست في صدد تخشين العلاقة الخلقية مع الآخرين المتّصفين بذلك كي
يتوهّم معارضتها بنظير قوله تعالى : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ
حُسْناً) ، وقوله تعالى : (ادْفَعْ بِالَّتِي
هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) ، بل هي في صدد بيان سياسة الانفتاح وبناء العلاقات
الأساسية المعتمدة لبناء خطوات المستقبل من التحالفات في المجالات المختلفة.
الوحدة وحديث الفرقة الناجية
إنّ الحديث
المتواتر بين الفريقين عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ أمّتي ستفترق بعدي على ثلاث وسبعين فرقة ، فرقة
منها ناجية واثنتان وسبعون في النار» يلزم الباحث المسلم الطالب للنجاة الأخروية الفحص عن خصوص
تلك الفرقة الناجية ، والتمسّك بها دون بقية فرق المسلمين ؛ لأنّ مؤدّى الحديث
النبوي أنّ الاختلاف الواقع ليس في دائرة الظنون والاجتهاد المشروع ، بل هو في
دائرة الأصول والأركان من الأمور القطعية واليقينية ، أي ممّا قام الدليل القطعي
واليقيني عليها ، وإن لم تكن ضرورية في زمن أو أزمان معيّنة نتيجة التشويش أو
التعتيم الذي تقوم به الفرق الأخرى.
والحديث ـ مضافا
إلى كونه ملحمة نبوية ـ يحدّد معالم الوحدة التي يجب أن تقيمها الأمّة الإسلامية
بأن تكون على منهاج الحقّ والهدى الذي تسير عليه الفرقة الناجية ، وإنّ الأمّة وإن
اشتركت في الإقرار بالشهادتين والانتماء إلى الملّة الواحدة إلّا أنّ
__________________