للخوض في التفصيل بين ذاته وباقي الذوات ، ولا بين الكليات والجزئيات كما سنبينه.
فالحق أن مبدأ النظر في مبدأ أهل الحق مستمد من التخصيص والتمييز بصفة الإرادة. ومع ثبوت ذلك : فالمتميز إما أن يكون محاطا به أو غير محاط به ، لا جائز أن يكون غير محاط به ، وإلا لما تصور تمييزه عن غيره. فإذا لا بدّ من الإحاطة به. ثم كيف ينكر ذلك والعقل الصريح يقضي بيديه ، بأن صدور ما هو على غاية من الإحكام والإتقان عمن لا إحاطة له محال ، كيف وأنه لو لم يكن متصفا بالعلم لكان ناقصا بالنسبة إلى من له العلم من مخلوقاته كما سبق بيانه وهو محال.
وعند لزوم هذا العلم له إما أن يكون معنى عدميا ، أو لا وجوديا ولا عدميا ، وإما أن يكون وصفا وجوديا :
لا جائز أن يقال بكونه عدميا ، إذ لا فرق بين قولنا إنه لا علم له ، وبين قولنا إن علمه معنى عدمى ، كيف وأن من فهم مدلول هذه اللفظة لم يجد من نفسه أن فهمه لأمر سلبي عدمي البتة.
ولا جائز أن يقال بأنه لا موجود ولا معدوم ، إذ هو مبني على القول بالأحوال ، وقد أبطلناها. وإذ ذاك فلا بد من أن يكون معنى وجوديا. وهو مع ذلك قديم أزلي ، قائم بذات الرب تعالى ، متعلق بجميع الكائنات ، متحد لا كثرة فيه ، غير متناه بالنظر إلى ذاته ومتعلقاته. وبيان ذلك على نحو بيانه في الإرادة ، وقد عرف فلا حاجة إلى إعادته. لكن ربما أشكل وجه استعمال ما ذكرناه في بيان اتحاد الإرادة في العلم ، والسبيل فيه أن يقال : بعد إبطال الاقتضاء للتخصيص بالذات ، وتعين الاقتضاء بالقدرة والإرادة فإن شرط هذا الاقتضاء تعلق العلم بالمقتضى كما سلف. وإذ ذاك فإما أن يكون كل واحد من أقسام العلم هو المتعلق بما تخصصه القدرة والإرادة ، أو غيره : فإن كان هو ، فهو إنما يتم تعلقه بغيره ، أن لو كان متخصصا بالوجود ، وذلك يفضي