وأما المعتزلة فموافقون على العالمية ، دون العلمية ، كما مضى تفصيل مذهبهم وأما الجهمية فقد ذهبوا إلى أنه عالم بعلم ، قائم لا في محل ، وهو مع ذلك متجدد بتجدد الحادثات ، متعدد بتعدد الكائنات.
وعند ذلك فلا بد من إيضاح السبيل إلى زيف مذاهب أهل التعطيل.
أما على رأي الإلهيين : فإنه لما انحسم على من أثبت كونه عالما طريق التوصل إليه بتوقف تخصيص الجائزات عليه ، كما سبق وصفه من مذهبهم ، ولم يمكنه الاسترواح إلى ما استروح إليه المتكلمون أهل الحق ، لمناقضات تلزمه ـ انتهج في ذلك منهجا غريبا ، وهو أنه زعم أن الوجود ، من حيث إنه طبيعة الموجود ، غير ممتنع عليه أن يعلم ويعقل. وإنما يعرض له أنه لا يعلم ويعقل بسبب صاد ومانع راد ، وهو كونه في المادة ، ومتعلقا بعلائق المادة ، وكل وجود مجرد عن المادة وعلائقها ، فغير ممتنع عليه أن يعلم. وهو وإن كان متوهما غير سديد ، وما قيل من أن طبيعة الوجود غير ممتنع عليها أن تعقل ، فلا محالة أن إطلاق لفظ الوجود على واجب الوجود وعلى غيره ، ليس إلا بطريق الاشتراك لا بالتواطؤ ، وإلا كان مشاركا لها في طبيعتها ، ويلزم أن تكون ذات واجب الوجود ممكنة مفتقرة إلى مرجح خارج وهو محال. فعلى هذا إن أريد بلفظ الوجود كل مدلولاته بحيث تكون ذات واجب الوجود مندرجة فيه. وداخله تحته ، فدعوى مجردة ، وإدراج لمحل النزاع في كلية ما صادر على كونه مسلما ، ولا يخفى ما فيه من الزيف ، فإنه لو سلم أنه غير ممتنع أن يعلم لوجب أن يكون العلم له إما واجبا ، وإما ممكنا : والإمكان منتف عن ذاته ، عنده : مطلقا. فبقى أن يكون واجبا وذلك محل النزاع.
وإن أريد به طبيعة كل موجود سوى واجب الوجود فمع بعده غير مفيد ولا مؤد للمقصود ، إذ الحكم على القضية الجزئية بمثل ما حكم به على الكلية إنما يلزم أن لو كانت الجزئية داخلة فيها ، وليس كذلك. وإن زال المانع فغير مفيد لعدم القبولية والاقتضاء معا ، ثم ومع التقدير بكونه عالما ، فلا معنى