تعالى ـ وهو محال.
ثم ولو قدرنا أن الوجود ، الذي يضاف إليه الوجوب ، زائد على ماهية كل واحد منهما ، فإنما يلزم منه المحال أيضا أن لو كان وجوب الوجود في كل واحد منهما لنفس الوجود الزائد عليه. ولو قيل لهم : ما المانع من أن يكون واجبان كل واحد منهما له ماهية ووجود مستند في وجوبه إلى تلك الماهية ، لا إلى معنى خارج ، ويكون معنى كونه واجبا لذاته أن وجوده الزائد على ماهيته مستند إلى الماهية لا إلى نفسه؟ لم يجدوا إلى دفعه سبيلا. بل ربما عولوا في إبطال ذلك على نفي الصفات. وانتفاؤها لا يتم إلا بامتناع اجتماع واجبين وذلك دور ممتنع.
ولربما قالوا : إذا جوزتم أن يكون الوجود في واجب الوجود زائدا على ذاته وماهيته فهو لا محالة في وجوبه مفتقر إلى الذات القائم بها ، وكل ما افتقر إلى غير نفسه ، في وجوبه ، فهو بذاته ممكن ، وإذا كان ممكنا كان وجود واجب الوجود ممكنا وهو ما لا يتم إلا بمرجح خارجي ؛ إذ الذات يستحيل أن تكون هي المرجحة ، وإلا لما كانت قابلة له إلا باعتبار جهة أخرى غير جهة كونها فاعلة ؛ إذ تأثير العلة القابلية غير تأثير العلة الفاعلية ، واختلاف التأثيرات يستدعى اختلاف المؤثر ، إما في نفسه ، أو باعتبار جهات ، واختلاف تأثير ذات واجب الوجود في وجوده ، بالفاعلية والقابلية ، يستدعي اختلافه في ذاته ، أو في جهاته ، لكنه ليس مختلفا في ذاته ، فلم يبق الاختلاف إلا باعتبار جهاته ، والكلام في تلك الجهات كالكلام في نفس الوجود ، وذلك يفضي إلى ما لا يتناهى وهو محال.
قلنا : ما ذكرتموه إنما يتم أن لو سلم أن طبيعة الممكن ما يفتقر إلى مرجح فاعل. ولا مانع من أن يقال : إن الممكن ما لا يتم وجوده ولا عدمه إلا بأمر خارج عن ذاته ، وهو متوقف في كلا طرفيه عليه ، وذلك قد يكون فاعليا ، وقد يكون قابليا ، وهو أعم من الفاعل. فعلى هذا إن قيل بأن الوجود