ومن لا خلاق له من
الأطراف ، وما ثبت نقله ولا سبيل إلى الطعن فيه ، فما كان يسوغ في الاحتمال ،
والتأويل فيه بحال ، فالواجب أن يحمل على أحسن الاحتمالات ، وأن ينزل على أشرف
التنزيلات ، وإلا فالواجب الكف عنه ، والانقباض منه ، وأن يعتقد أن له تأويلا لم
يوصل إليه ، ولم يوقف عليه ؛ إذ هو الأليق بأرباب الديانات ، وأصحاب المروءات ،
وأسلم من الوقوع في الزلات ، ولكون سكوت الإنسان عما لا يلزمه الكلام فيه أرجى له
من أن يخوض فيما لا يعنيه ، لا سيما إذا احتمل ذلك الزلل والوقوع بالظن والرجم
بالغيب في الخطل.
ويجب ـ مع ذلك ـ أن
يعتقد أن أبا بكر أفضل من عمر ، وأن عمر أفضل من عثمان ، وأن عثمان أفضل من علي ،
وأن الأربعة أفضل من باقي العشرة ، والعشرة أفضل ممن عداهم من أهل عصرهم ، وأن أهل
ذلك العصر أفضل ممن بعدهم ، وكذلك من بعدهم أفضل ممن يليهم ، وأن مستند ذلك ليس
إلا الظن ، وما ورد في ذلك من الآثار ، وأخبار الآحاد ، والميل من الأمة إلى ذلك ،
بطريق الاجتهاد.
وفيما ذكرناه غنية
للمبتدئين ، وشفاء للمنتهين ، عند من نظر بعين الاعتبار ، وله قدم راسخ في
الاختبار.
والمسئول من بارئ
النسم ، ومعيد الرمم ، أن ينيلنا فائدته ، ويعقبنا عائدته ، حين الفقر والفاقة ،
وضعف الطاقة ، في يوم القصاص ، حيث لات حين مناص ، وأن يصلي على صفوته من الرسل
محمد وآله وأصحابه ، إنه أرجى مسئول وأعطف مأمول.
والحمد لله رب
العالمين ، وبه نستعين ، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين محمد خاتم
النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكان الفراغ من
نسخه الخامس عشر من شهر رجب سنة ثلاث وستمائة وذلك بثغر الإسكندرية بالمدرسة
العادلية ، والسلام وحسبنا الله ونعم الوكيل.