خلافته كانت باطلة ، وإلا فإن ذلك مما يوجب الخبط في قوله والهجر فيه ، ولا يخفى على أحد ما كان عمر عليه من الأمانة والديانة ، والعقل الكامل والرزانة ، فمعنى قوله : «كانت فلتة» أي من غير مشورة ، وقوله : «وقى الله شرها» أي شر الخلاف فيها ، وقوله : «فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه» ، أي إلى مثل مخالفة الأنصار ، في نصبهم إمامين ، وقولهم : «منا أمير ومنكم أمير» ومع هذه الاحتمالات وانقداح هذه الخيالات ، يخرج ما ذكروه عن أن يكون قادحا ، ويلزم القول بإمامته ، والاعتراف بصحة توليته ، على ما وقع عليه اتفاق الأمة ، ومعتقد أهل السنة.
وأما باقي الخلفاء الراشدين ، كعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين فالسبيل إلى إثبات إمامتهم ، وصحة توليتهم ، واستجماعهم لشرائط الإمامة ، كإثبات ذلك في حق أبي بكر رضي الله عنه وصحة عهد أبي بكر إلى عمر ، والشورى وعقد عبد الرحمن بن عوف لعثمان ، فإنها تستند إلى الإجماع أيضا ، وكذا الحكم على قتلة عثمان ومقاتلي علي بكونهم بغاة ، فإن أسباب حل القتل وجواز قتال الإمام محصورة ، ولم يوجد شيء منها في حق عثمان ولا علي ـ عليهالسلام ـ.
ومع هذا كله فالواجب أن يحسن الظن بأصحاب الرسول ، وأن يكف عما جرى بينهم ، وألا يحمل شيء مما فعلوه أو قالوه إلا على وجه الخير وحسن القصد ، وسلامة الاعتقاد ، وأنه مستند إلى الاجتهاد ، لما استقر في الأسماع ، وتمهد في الطباع ، ووردت به الأخبار والآثار ، متواترة وآحاد ، من غرر الكتاب والسنة ، واتفاق الأمة على مدحهم ، والثناء عليهم بفضلهم ، مما هو في اشتهاره يغني عن إظهاره ، وأن أكثر ما ورد في حقهم من الأفعال الشنيعة ، والأمور الخارجة عن حكم الشريعة ، فلا أصل لها إلا تخرصات أهل الأهواء ، وتصنعات الأعداء ، كالروافض والخوارج وغيرهم من السفساف ،