قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

غاية المرام في علم الكلام

غاية المرام في علم الكلام

257/334
*

البدن ، كما اقتضت وجودها عند وجوده ؛ إذ قد بينا أن كل كائن فاسد فإسناده إنما هو إلى إرادة قديمة لا إلى طبع وعلة.

وما ذكر من امتناع قيام قوى القبول للكون والفساد بالنفس فإنهم إن فسروا القوة القابلة للكون بإمكان الكون ، والقوة القابلة للفساد بإمكان الفساد ، فلا محالة أن معنى كون الشيء ممكنا أن يكون ، وممكنا أن يفسد ، ليس إلا أنه لا يلزم عنه في ذلك كله محال ، فحاصل الإمكان يعود إلى سلب محض ، وذلك وإن تعدد فلا يمتنع اجتماع كثير منه في شيء واحد لا تعدد فيه ، إذ هو غير موجب للكثرة.

وإن فسرت القوة القابلة بأمر موجب للتكثر ، فمع كونه غير مسلم ، هو لازم لهم في الصور الجوهرية من التوالي ؛ فإنها قابلة للكون والفساد ، وذلك لا يكون بقابل. فلو كان القابل للكون والفساد مما يوجب التكثر أوجب في الصور الجوهرية ، وهو ممتنع. بل هو أيضا لازم في النفس ، في جانب قبولها للاتصال بالبدن والانفصال عنه ، فكل ما يفرض من الجواب فهو بعينه جواب لنا في محل النزاع. كيف وأن ما ذكروه فمبني على امتناع قبول النفس للتجزي ، وهو إن كان ممكنا ومقدورا لله تعالى فهو مما لا يدل على وقوعه عقل ، ولا أشار إليه نقل.

وما أشاروا إليه في ذلك فهو يناقض مذهبهم في إدراك القوة الوهمية لما تدركه ، من المعنى الذي يوجب نفرة الشاة من الذئب ؛ فإنه لا محالة غير متجزئ ، وإن كانت لا تدركه إلا إدراكا جزئيا ، أي بحسب شكل شكل وصورة صورة ، ومع ذلك فهي نفسها لا تدرك إلا بآلة جرمانية ، ولهذا قضي بفواتها عند فوات البدن ، فما هو الاعتذار لهم أيضا ، في إدراك القوة الوهمية بالآلة الجرمانية لما ليس بمتجزئ ؛ هو اعتذارنا في إدراك ما ندركه مما ليس بمتجزئ.

ثم كيف ينكر كون النفس مادية ممكنة مع ما عرف من أصلهم أن