يلزم منه حدث ما بطل به من السكون ، بل من الجائز أن يقول الخصم بقدمه وأنه لا أول له ، وفواته لا يدل على حدثه ، وإن دل على أنه لم يكن له ذلك لذاته.
وقول القائل : إن ما يثبت قدمه لو بطل لا فتقر إلى سبب ، إذ يستحيل أن يكون ذلك له لذاته وإلا لما بطل ، وإذا افتقر إلى سبب فالسبب إما فاعل للعدم بالقدرة أو ضد أو انقطاع لا جائز أن يكون بالقدرة ؛ إذ الفعل بالقدرة يستدعي مقدورا والعدم ليس معنى فيستحيل أن يكون مقدورا. ولا جائز أن يكون السبب هو مانع ، فإنه إما قديم وإما حادث فإن كان قديما استحال أن يعدم في الآن ولا يعدم في القدم ، وإن كان حادثا فليس إبطال ما كان بكونه أولى من إبطال كونه عما كان ، ولا جائز أن يكون السبب هو فوات شرط فإنه إما حادث أو قديم ، لا جائز أن يكون حادثا ؛ إذ الحادث لا يصلح شرطا للقديم. وإن كان قديما فالكلام في ذلك القديم كالكلام في الأول ، وهو يسلم للمحال. وهو وإن سومح في قوله بكون الإعدام ليس بمقدور ، مع صحة النزاع فيه فمن الجائز أن يكون دوام السكون إلى حين وغاية يستند إلى إرادة قديمة اقتضت دوامه إلى ذلك الحين ، وعند انقطاع تعلق الإرادة به انقطع دوامه وذلك على نحو انقطاع سائر الموجودات ، وإذ ذاك فلا تسلسل ، وليس يلزم من كونه متعلق الإرادة ومقتضى القدرة أن يكون حادثا كما لا يلزم أن يكون قديما ، بل القدم والحدث إنما يعرض لما هو متعلق الإرادة والقدرة بأمر خارج عنهما ، هذا كله إن سلم كون السكون أمرا وجوديا ، ومعنى حقيقيا.
وإلا فإن سلك القول بكونه أمرا سلبيا ، ومعلوما عدميا ، فإنه لا معنى له إلا عدم الحركة ولا يلزم من القول بإبطاله بوجود الحركة أن يكون هو حادثا ، بمعنى أن له أولا ، إذ الأولية لا تتحقق إلا بعد الوجود ، وإن سلك ذلك لزم منه القول بسبق العدم على الوجود ، والوجود على العدم إلى ما لا يتناهى ، وفيه القول بقدم الحادث قطعا ، وعند ذلك فالطريقة تكون منصوبة لنقيض المأخوذ.