رعاية الصلاح والأصلح في الشاهد ، في اعتبار إيجاب النوافل ، واعتبار إيجاب رعاية الصلاح والأصلح في الشاهد ، وما ذكروه من الفرق فهو يرجع على قاعدتهم في إيجاب الطاعة والشكر على العبيد بالإبطال ، وإن نظر إلى ما يستحقه من الثواب في مقابلته فهو باطل ، لما أثبتناه. ومع بطلانه فلم لا قيل به في محل الإلزام؟ وما الفرق بين الصورتين؟ وما الفاصل بين الحالتين؟ وهل ذلك إلا محض خيال لا أصل له ، ومجرد استرسال لا سند له؟ نعوذ بالله من الشيطان ، والتخبط في الأديان.
وما قيل من أن مستند ذلك ليس إلا نفي العبث والقبح عن أفعال واجب الوجود فمبني على أصلهم في التحسين والتقبيح وقد أوضحنا فساده.
وما قيل في تقرير الأصلح مما لا ثبوت له على محك النظر ، ولا مقر له في ميدان العبر ؛ فإنه ما من أمر يقدر أن الإنسان سيطغى عنه إلا والرب ـ تعالى ـ قادر على أن يعصمه منه ويمنعه عنه ، وإذ ذاك فلا يطغى ، واعتبار الأصلح في حقه يكون أولى. كيف وأن هذا ينقض قاعدتهم في التكليف رعاية لمصلحة العبد مع العلم بأنه يكفر ويفجر؟
فإذن يمتنع رعاية الأصلح نفيا للطغيان ، ويمتنع من التكليف رعاية لدفع الكفران ، وهو مما يعسر دفعه علي الخصوم ، ويصعب حله على أرباب الفهوم. وإذا ثبت ما مهدناه لزم القول بانتفاء الوجوب عن جميع أفعال واجب الوجود ، لما سبق.
ولا يروعنك تفسير وجوب فعل الله ـ تعالى ـ بلزوم الظلم والعبث عليه بفرض عدمه ، كما في الثواب على الطاعة وإيلام الحيوان البريء. فإن ذلك يستدعي بيان قبوليته لأن يتصف بالظلم والعبث وكل ما يوجب له في ذاته نقصا ، وذلك مما لا سبيل إليه ، بل الظلم وكل صفة منقصة مسلوبة عنه لامتناع اتصافه بها. وذلك على نحو سلب الظلم والعبث عن الحيوانات والجمادات ، وغير ذلك من النباتات ؛ إذ الظلم يتصور ممن يصادف تصرفه