الوجود فالقول بأن لا نهاية له محال ، فإن ما لا يتناهى لا ينحصر بحاصر ما. وهو إنما يلزم أن لو كان الحاصر متناهيا ، ولا محالة أن الكلام في تناهي الوجود كالكلام فيما يحصره الوجود ، هذا إن قيل بأن الوجود زائد على الموجود وإلا فلا حاصر أصلا.
ولربما نظر في العلل والمعلولات إلى طرف الاستقبال فقيل : ما من وقت نقدره إلا والعلل والمعلولات منتهية بالنسبة إليه وانتهاء ما لا يتناهى محال. وهو أيضا غير مفيد ، فإن الخصم قد سلم انتهاء العدد من أحد الطرفين ، ومع ذلك يدعي أنه غير متناه من الطرف الآخر ، ومجرد الدعوى فيه غير مقبولة ، لا سيما مع ما قد ظهر من أن عقود الحساب لا نهاية لها ، ولم يلزم من تناهيها من جهة البدء أن تكون متناهية من جهة الآخر ، أو أن يوقف فيها على نهاية.
فإذا الرأي الحق أن يقال :
لو افتقر كل موجود في وجوب وجوده إلى غيره إلى غير نهاية ، فكل واحد باعتبار ذاته ممكن لا محالة ، فإن ما وجب وجوده لغيره فذاته لذاته ، إما أن تقتضي الوجوب أو الامتناع أو الإمكان : لا جائز أن يقال بالوجوب لأن عند فرض عدم ذلك الغير إن بقي وجوب وجوده فهو واجب بنفسه وليس واجبا لغيره ، وإن لم يبق وجوب وجوده فليس واجبا لذاته ، وإذ الواجب لذاته ما لو فرض معدوما لزم منه المحال لذاته لا لغيره ، ولا جائز أن يقال بالامتناع وإلا لما وجد ولا لغيره ، فبقي أن يكون لذاته ممكنا.
وإذا كان كل واحد من الموجودات المفروضة ممكنا ، وهى غير متناهية ، فإما أن تكون متعاقبة أو معا : فإن كانت متعاقبة فما من موجود نفرده بالنظر إلا وفرض وجوده متعذر ، وانتهاء النوبة إليه في الوجود ممتنع ، فإنه مهما لم يفرض وجوب وجود موجده فلا وجود له ، وكذا الكلام في موجده بالنسبة إلى موجده ، وهلم جرا ، وما علق وجوده على وجود غيره قبله ، وذلك الغير