الفيلسوف ولربما زاد عليه بقوله : لو فرض أعداد لا نهاية لها لم يخل : إما أن تكون شفعا أو وترا أولا هي شفع ولا وتر أو شفعا ووترا معا ، فإن كانت شفعا فهي تصير وترا بزيادة واحد ، وكذلك إن كانت وترا فهي تصير شفعا بزيادة واحد ، وإعواز الواحد لما لا يتناهى محال ، ولا جائز أن يكون شفعا ووترا ، أو لا شفع ولا وتر ، فإن ذلك ظاهر الإحالة ، وهذه المحاولات كلها إنما لزمت من فرض عدد لا يتناهى فهو أيضا محال. وهو مع أنه محض استبعاد لشفعية ما لا يتناهى أو وتريته ، إنما ينفع مع تسليم الخصم لقبولية ما لا يتناهى أن يكون شفعا أو وترا ، وذلك مما لا سبيل إليه.
ثم بم الاعتذار عن هذا الإلزام إن ورد على ما سلم كونه غير متناه كالأعداد من مراتب الحساب؟ وكذلك ما يختص بمذهب المتكلم من اعتقاد عدم النهاية في معلومات الله تعالى ومقدوراته؟
وما قيل من أن المعني بكون المعلومات والمقدورات غير متناهية صلاحية العلم لكل ما يصح أن يعلم ، وصلاحية القدرة لتعلقها بكل ما يصح أن يوجد ، وما يصح أن يوجد ويصح أن يعلم غير متناه ، لكنه من قبيل التقديرات الوهمية ، والتجويزات الخيالية ، وذلك مما لا يجب فيه القول بالنهاية ، ولا كونه غير متناه مستحيل ، بل المستحيل إنما هو القول بأن لا نهاية فيما له وجود عيني ، وهو في تعينه أمر حقيقي ـ فلا أثر له في القدح ، فإن من نظر بعين التحديق وأمعن في التحقيق علم أن هذه الأمور وإن كانت تقديرية ومعاني تجويزية وأنه لا وجود لها في الأعيان ، فلا بد لها من تحقق وجود في الأذهان ، ولا محالة أن نسبة ما فرض استعماله في القول بالنهاية فيما له وجود ذهني على نحو استعماله فيما له وجود عيني ، وأن ذلك ـ بمجرده ـ لا أثر لها فيما يرجع إلى الافتراق أصلا.
ومما يلتحق بهذا النظم في الفساد أيضا قول القائل : إن كل واحد من هذه الأعداد محصور بالوجود فالجملة محصورة بالوجود ، وكل ما حصره