الفعل ، ولم يجعل للقدرة القديمة فيه تأثيرا إلا بواسطة إيجاد القدرة الحادثة عليه.
وذهب من عدا هؤلاء من أهل الحق إلى أن أفعال العباد مضافة إليهم بالاكتساب وإلى الله ـ تعالى ـ بالخلق والاختراع ، أنه لا أثر للقدرة الحادثة فيها أصلا.
وإذا عرف بالتحقيق مذهب كل فريق ، فلا بد من التعرض إلى إبطال مذاهب أهل الضلال :
١ ـ وأول مبدوء به إنما هو الرد على طوائف الإلهيين القائلين بمنع صدور الكثرة عن واجب الوجود :
وهو أنا نقول : عماد اعتقادكم ورأس اعتمادكم ، إنما هو آئل إلى نفي الصفات الزائدة على الذات ، وقد بينا فيما سلف سخف هذا المعتقد ، وتشنيع هذا المعتمد ثم. إن ما أوجب لكم القول بمنع صدور الكثرة عن واجب الوجود إنما هو كونه واحدا ، وأن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد. ولا بد لكم في هذه الدعوى من العود إلى هدم ما بنيتموه ونقض ما أبرمتموه وذلك أنه لو لزم من كونه واحدا ، وحدة ما صدر عنه ، فيجب أن يكون ما صدر عن معلوله أيضا واحدا لكونه واحدا ، وهكذا لا يزال الحكم بصدور الواحد دائما ، وهو مما يوجب امتناع وقوع الكثرة في المعلولات ، وتناقض قولكم في صدور الكثرة عن المعلول الأول ، حيث قلتم أن المعلول الأول يصدر عنه عقل آخر ونفس وجرم هو الفلك الأقصى. ثم إن صدور الكثرة عن المعلول الأول إما أن تكون وهو متحد أو متكثر ، فإن كان واحدا فقد ناقض قولكم إن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد. فهلا قلتم بصدور الكثرة عن واجب الوجود ، وإن كان واحد ، كما قلتم بصدور الكثرة عما صدر عنه وهو واحد. وإن قلتم : إن ما صدر عن الكثرة متكثر ، فقد قلتم بصدور الكثرة عن واجب الوجود وأفسدتم ما ظننتم إحكامه وما رمتم إتقانه ، وذلك خسف