أن يكون متعددا ،
وإلا أفضى إلى اجتماع الإلهين. ولا جائز أن يكون متحدا لما سبق.
وكما لا يجوز أن
يكون مادة ولا صورة مادة فكذا لا يجوز أن يكون نفسا فإن النفس وإن لم يكن وجودها
ماديا فليس إلا مع المادة ، وإلا فلو كان لها وجود قبل مادة بدنها لم يخل : إما أن
تكون متحدة أو متكثرة ، لا جائز أن تكون متحدة وإلا فعند وجود الأبدان المتعددة
إما أن تنقسم وهو محال ، إذ المتحد لا ينقسم. وإما أن تكون النفس الواحدة لأبدان
متعددة ، وهو ممتنع أيضا ، وإلا لاتحد الناس بأسرهم في العلم بما يعلمه الواحد ،
والجهل بما يجهله الواحد ، من حيث إن النفس المدركة واحدة ولا جائز أن تكون متكثرة
قبل الأبدان ، إذ الكثرة والتعدد للنفس بدون النظر إلى الأبدان وعلائقها محال ،
وإذا ثبت أنه لا وجود للنفس إلا مع وجود مادة بدنها امتنع أن يقال بصدورها عن
المبدأ الأول ، لما حققناه في المادة والصورة ، فإذا لا بدّ وأن يكون ما صدر عنه
ماهية مجردة عن المادة وعلائقها وعبروا عنه «بالعقل الأول».
وبتوسط هذا العقل
يوجد عقل آخر ، ونفس ، وجرم ، هو جرم الفلك الأقصى ، وبتوسط العقل الثاني يوجد عقل
آخر ، ونفس وجرم ، هو جرم فلك الكواكب. وبتوسط العقل الثالث يوجد عقل آخر ، ونفس ،
وجرم ، هو جرم فلك زحل. وبتوسط العقل الرابع يوجد عقل آخر ، ونفس وجرم ، هو جرم
فلك المشترى. وبتوسط العقل الخامس يوجد عقل آخر ، ونفس ، وجرم ، هو جرم فلك الشمس.
وبتوسط العقل السادس يوجد عقل آخر ، ونفس ، وجرم هو جرم فلك المريخ. وبتوسط العقل
السابع يوجد عقل آخر ، ونفس ، وجرم هو جرم فلك الزهرة. وبتوسط العقل الثامن يوجد
عقل آخر ، ونفس ، وجرم ، هو جرم فلك عطارد. وبتوسط العقل التاسع ، يوجد عقل آخر ،
ونفس ، وجرم هو جرم فلك القمر ، وبتوسط العقل العاشر ، وجدت العناصر والمركبات
وغير ذلك من الكائنات والفاسدات.