ذاته وإلا كان محلا للحوادث. وإن كان خارجا عن ذاته فهو في جهة منه وربما قيل : إنه لو كان في غير جهة لبطل أن يكون داخل العالم وخارجه ، وإثبات لوجود هذا حاله غير معقول. وأيضا فإنا اتفقنا على أنه ذو صفات قائمة بذاته ، ومن المعلوم أن الصفات ليس حيثها إلا حيث وجود الذات ، فإن القائم بغيره لا يكون له حيث إلا حيث ما قام به ، فإذا حيث الصفات إنما هو حيث الذات ، وذلك يوجب كون واجب الوجود ذا حيث وجهة.
والجواب : أما الانفصال عما ذكر أولا من الأشكال ، فقد قال بعض المنتسبين إلى التحقيق : إن حاصله يرجع إلى المصادرة على المصادرة على المطلوب في الدليل مع تغيير في اللفظ ، وذلك أن المباينة والمجامعة لا تكون إلا من لوازم المتحيزات وذوات الجهات ، فإذا قيل إنه مباين أو مجامع فهو نفس المصادرة على المطلوب.
وليس هذا عند التحقيق مصادرة ، لأن المصادرة على المطلوب هو أن يؤخذ المطلوب بعينه ويجعل مقدمة قياسية بلفظ مرادف مشعر بالمغايرة بين المقدمة والمطلوب ، والمطلوب فيما عرضه إنما هو كونه في جهة أم لا ، وليس الجهة هي نفس الاتصال ولا نفس الانفصال ، بل هي قابلة للاتصال والانفصال ، والانفصال والاتصال كل واحد منهما لا يقبل الآخر ، ولهذا يصح أن نعقل الجهة ثم نعقل بعد ذلك كونها متصلة أو منفصلة ، وإذا كان الاتصال والانفصال غير الجهة التي هي نفس المطلوب فالمأخوذ في الدليل إنما هو غير المطلوب لا عينه ، فإذا كان كذلك فلا معنى للقول بالمصادرة هاهنا. فالواجب أن يقال :
إنه إن أريد بالاتصال والانفصال قيام أحدهما بذات الآخر وامتناع القيام فلا محالة أن الباري والعالم كل واحد منهما منفصل عن الآخر بهذا الاعتبار ، وهو مما لا يوجب كون كل واحد منهما في جهة من الآخر ، مع امتناع قبولية كل واحد منهما لها أو امتناع قبولية أحدهما ، ومع امتناع تلك