سائر المحدثات ،
فإنه غير متقاصر في وجوده عنها ، فما هو الاعتذار عن إيجاد المحدثات هو الاعتذار
عن إيجاد الحادثات.
فإن قيل : لم لم
يقع الاكتفاء في إيجاد المحدثات بما استند إليه الحادث؟ كان ذلك محض مطالبة
واسترشاد ، وخروجا عما وقع الشروع في الكلام بصدده ، وهو إبطال قيام الحوادث بذات
الرب تعالى.
المسلك الثالث :
هو أنهم قالوا :
إن كان قوله وإرادته من نوع أقوالنا وإرادتنا فما يحصل بقوله وإرادته وجب أن يحصل
بأقوالنا وإرادتنا ، لكون الجميع من نوع واحد ، وحيث لم يحصل بأقوالنا وإرادتنا
وجب أن لا يحصل بقوله وإرادته.
قالوا : ولا يصلح
أن يفرق بأن أقواله وإرادته حاصلة بالقدرة القديمة والمشيئة الأزلية ، ولا كذلك
أقوالنا وإرادتنا ، فإن هذا في الحقيقة لا يصلح أن يكون فرقا ، إذ الفرق بين
الشيئين يجب أن يكون بأمر يعود إلى نفسيهما لا إلى نسبتهما. وإن قيل : إن الإيجاد
إنما يحصل بالإرادة أو القول مع القدرة ، فالقدرة كافية في الإيجاد فلا حاجة إلى
غيرها. ثم لم لا جائز أن تحصل إرادتنا وأقوالنا مع ضميمة القدرة موجبة الإحداث
أيضا؟ إذ لا فرق بين أن يضاف إلى القدرة قوله أو قولنا ، وإرادته وإرادتنا ،
لكونهما من نوع واحد.
وهذا المسلك أيضا
مما لا يقوى ، وذلك لأن ما نثبته نحن من الصفات القديمة للرب ـ تعالى ـ إن اعترفنا
بأنها من نوع صفاتنا فالإلزام لخصومنا لازم علينا أيضا. وإن لم نقل بكونها من نوع
صفاتنا فقد بطل الإلزام أيضا وإن قدر اشتراكهما في الحدوث. إذ ليس الاشتراك في شيء
ما بين شيئين يوجب الاشتراك في الحقيقة كما لا يخفى. ثم ولو قدر امتناع إضافة
المحدثات إلى الصفة الحادثة فذلك لا يوجب امتناع قيام الحوادث بذات الرب ـ تعالى
ـ.
المسلك الرابع :
قالوا : لو جاز
قيام الحوادث بذات الرب فلا بد أن يكون قاصدا لمحل