الإدراك ، تضليل وحيد عن واضح السبيل. كيف ويلزم عليه أيضا تعلق العلم بمتعلقاته كما سلف.
ثم ولو سلم أن ما وقع به الافتراق لا يصلح أن يكون مصححا ، فإن المصحح لا بدّ وأن يكون أمرا مشتركا ، فلا بد من بيان أنه لا مشترك إلا الوجود ، وإلا فمع جواز القول باشتراكهما في معنى آخر غير الوجود فيجوز أن يكون هو المصحح أو داخلا في المصحح وعند ذلك فلا يلزم جواز تعلق الرؤية بواجب الوجود ، لجواز أن يكون المصحح غير شامل له ، كما في الوجود ، وذلك لا دليل عليه غير البحث والسبر ، وهو مما لا يرقى إلى ذروة اليقين بل لعله مما يقصر عن إفادة الظن والتخمين.
كيف وأن ما سلم الخصم تعلق الرؤية به شاهدا ليس إلا الأجرام أو ما قام بها دون الجواهر التي عنها تكون الأجرام ، بل أخص من ذلك فإنه لا يسلم تعلق الرؤية بكل جرم وكل عرض ، بل بعضها مما لا تتعلق الرؤية عنده به ، كما في الهواء والطعوم والأراييح ونحوه ، وإذا لم تتعلق الرؤية بغير الأجرام والأكوان فلا محالة أن الأجرام عند أهل الحق هي كل ما ائتلف من جوهرين فصاعدا ومع قطع النظر عن التأليف فالقول بتفهم معنى الجرم محال ، والتأليف لا محالة عرض وبينه وبين الأعراض مجانسة ما واشتراك في معنى ما ، وعند ذلك فلا مانع من أن يكون المصحح للرؤية هو ذلك المعنى ، ومع القول به فلا سبيل إلى تعلق الرؤية بواجب الوجود لعدم مشاركته لغيره من المرئيات في ذلك المعنى.
ثم إنه لو قدر أنه لا مشترك إلا الوجود فلا بد من بيان أن وجود واجب الوجود مجانس للوجود الذي هو متعلق الرؤية شاهدا حتى يلزم تعلق الرؤية به ، وذلك مما يعز ويشق جدا.
ومما اعتمد عليه أيضا أن قيل : الرؤية معنى لا يتأثر به المرئي ولا يتأثر منه لا بأفعال ولا بانفعال ، وما هذا حكمه في تعلقه فلا مانع من تعلقه ،