نقص في حق الباري ـ تعالى ـ.
قال : والدليل على أن الموجب لقبوله السمع والبصر كونه حيا ما نراه في الشاهد فإن الموجب لقبولية الإنسان وغيره من الحيوان للسمع والبصر كونه حيا. إذ لو قدر أن الموجب لذلك غير الحياة من الأوصاف لكان منتقضا ، وإذا كان الموجب للقبول إنما هو الحياة ، فالباري حي ، فيجب أن يكون متصفا بهما ، وإلا كان متصفا بأضدادهما وذلك نقص في حق الله ـ تعالى ـ فيمتنع.
ومن نظر فيما أسلفناه ، وأحاط بما مهدناه علم أن ذلك مما لا يقوى. والذي نزيده هاهنا أن نقول :
حاصل الطريقة آئل إلى قياس التمثيل وهو : الحكم على جزئي بما حكم به على غيره لاشتراكهما في معني عام لهما. وهو إنما يستقيم أن لو لم يتبين أن الحكم في الأصل الممثل به ثابت لمعنى ، لا أنه ثابت لنفسه ، أو بخلق الله له في ذلك الأمر الجزئي ، من غير افتقار إلى أمر خارج ، ثم لو ثبت أنه ثبت لمعنى ، لكن لا بدّ من حصر جميع الأوصاف ، وذلك لا يتم إلا بالسبر ، وهو غير مفيد لليقين ، بل حاصله أني بحثت فلم أطلع على غير المذكور ، وغاية فائدة البحث الظن بانتفاء غير المعين لا العلم به. ثم وإن أفاد علما السابر فذلك ليس بحجة على غيره ، إذ بحث زيد لا يؤثر علما في حق عمرو ، وإن أفاد ذلك ظنا. وليس هذا كما يقال : إن من كان بين يديه قيل ، وليس بينه وبينه حائل ، وآلة الإدراك لديه حاضرة سليمة ، فإنه يستحيل ألا يبصره. فكذلك هاهنا ، فإنه لو قدر وصف آخر فإنه إما معقول أو محسوس : وأي الأمرين قدر فأسباب مداركه عند الناظر عتيدة ، فيستحيل أن لا يظفر به إذا طلبه.
وهذا وكان مخيلا لكنه مما لا يقوى ، فإنه لو كان الأمر على ما ذكره لما وقع لأحد في نظره خبط ، ولا في فكره تناقض ، ولما وقع الخلاف بين العقلاء