كان باليمن جئته ،
عليّ بالناس ، فلم يزل جالسا يعرض حتى الليل ، وأمر بالخيل أن تنعل ، ثم قال اخبر
صاحبك ما ترى ، وكتب الى قيصر يخبره خبري فصادف قيصر بايليا وعنده دحية الكلبي قد
بعثه إليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما قرأ قيصر كتاب الحارث كتب إليه ان لا تسر إليه وأله
عنه ووافني بايليا ، قال ورجع الكتاب وأنا مقيم فدعاني وقال متى تريد أن تخرج الى
صاحبك؟ قلت غدا ، فأمر لي بمائة مثقال ذهبا ، ووصلني مرى بنفقة وكسوة ، وقال اقرأ
على رسول الله صلىاللهعليهوسلم مني السلام واخبره اني متبع دينه ، قال شجاع فقدمت على
رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاخبرته فقال «باد ملكه» واقرأته من مرى السلام وأخبرته
بما قال فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «صدق».
(فصل)
ونحن انما ذكرنا
بعض ملوك الطوائف الذين آمنوا به وأكابر علمائهم وعظمائهم ولا يمكننا حصر من عداهم
وهم جمهور أهل الأرض ، ولم يتخلف عن متابعته الا الاقلون ، وهم : إما مسالم له قد
رضي بالذلة والجزية والهوان ، وإما خائف منه فأهل الأرض معه ثلاثة أقسام : مسلمون
له ، ومسالمون له ، وخائفون منه.
ولو لم يسلم من
اليهود في زمنه الا سيدهم على الاطلاق وابن سيدهم وعالمهم وابن عالمهم باعترافهم
له بذلك وشهادتهم «عبد الله بن سلام» لكان في مقابلة كل يهودي على وجه الأرض فكيف
وقد تابعه على الاسلام من الأحبار والرهبان من لا يحصى عددهم الا الله ، ونحن نذكر
قصة عبد الله بن سلام ، فروى البخاري في صحيحه من حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس
بن مالك ، قال أقبل رسول الله صلىاللهعليهوسلم الى المدينة ، فقالوا جاء نبي الله ، فاستشرفوا ينظرون ،
إذ سمع به عبد الله بن سلام وهو في نخل لأهله يخترف لهم منه ، فعجل أن يضع الذي
يخترف لهم فيها فجاء وهي معه ، فسمع من نبي الله صلىاللهعليهوسلم ثم رجع الى أهله ، فلما خلا نبي الله صلىاللهعليهوسلم جاء عبد الله بن سلام ، فقال أشهد انك نبي الله حقا وانك
جئت بالحق ، ولقد علمت اليهود اني سيدهم وابن سيدهم واعلمهم وابن اعلمهم ، فاعدهم
فاسألهم عني قبل أن يعلموا اني قد اسلمت ، فانهم ان يعلموا اني قد اسلمت قالوا في
ما ليس في ، فارسل نبي الله