صلىاللهعليهوسلم دخلوا عليه مسجده بعد العصر ، فحانت صلاتهم فقاموا يصلون في مسجده فاراد الناس منعهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «دعوهم» فاستقبلوا المشرق فصلوا صلاتهم ، وكانوا ستين راكبا ، منهم أربعة وعشرون رجلا من أشرافهم منهم ثلاثة نفر إليهم يؤول أمرهم «العاقب» أمير القوم وذو رأيهم وصاحب مشورتهم والذي لا يصدرون إلا عن رأيه وأمره ، واسمه عبد المسبح. «والسيل» عقالهم وصاحب رحلهم ومجمعهم. «وأبو حارثة بن علقمة» أسقفهم وحبرهم وإمامهم وصاحب مدارسهم ، وكان أبو حارثة قد شرف فيهم ودرس كتبهم ، وكانت ملوك الروم من أهل النصرانية قد شرفوه ومولوه وأخدموه وبنوا له الكنائس وبسطوا عليه الكرامات لما بلغهم عنه من علمه واجتهاده في دينهم. فلما وجهوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم من نجران جلس أبو حارثة على بغلة متوجها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإلى جنبه أخ له يقال له كرز بن علقمة يسايره إذ عثرت بغلة أبي حارثة ، فقال له كرز تعس الابعد يريد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال له أبو حارثة ، بل أنت تعست. فقال : ولم يا أخي؟! فقال والله إنه للنبي الذي كنا ننتظره ، فقال له كرز فما يمنعك من اتباعه وأنت تعلم هذا ، فقال ما صنع بنا هؤلاء القوم شرفونا ومولونا وأكرمونا وقد أبوا الا خلافه ، ولو فعلت نزعوا منا كل ما ترى ، فاصر عليها أخوه كرز بن علقمة حتى أسلم بعد ذلك فهذا وأمثاله من الذين منعتهم الرئاسة والمأكل من اختيار الهدى وآثروا دين قومهم وإذا كان هذا حال الرؤساء المتبوعين الذين هم علماؤهم وأحبارهم كان بقيتهم تبعا لهم ، وليس بمستنكر أن تمنع الرئاسة والمناصب والمآكل للرؤساء ويمنع الأتباع تقليدهم ، بل هذا هو الواقع والعقل لا يستشكله.
(فصل): وكان من رؤساء النصارى الذين دخلوا في الإسلام لما تبين أنه الحق الرئيس المطاع في قومه «عدي بن حاتم الطائي» ونحن نذكر قصته رواها الإمام أحمد والترمذي والحاكم وغيرهم ، قال عدي بن حاتم أتيت النبي صلىاللهعليهوسلم وهو جالس في المسجد ، فقال القوم : هذا عدي بن حاتم. وجئت بغير أمان ولا كتاب ، فلما رفعت إليه أخذ بيدي ، وقد كان قال قبل ذلك : «اني لا أرجوا أن يجعل الله يده في يدي» قال فقام لي ، فلقيته امرأة وصبي معها فقالا إن لنا إليك