(فَأَوْلى لَهُمْ) هذا اللفظ صالح لأن يكون دعاء عليهم بالهلاك (١) أي هلاك لهم لجبنهم ونفاقهم وصالح أن يكون بمعنى الأجدر بمثلهم (طاعَةٌ) لله ورسوله (وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) أي حسن لرسول الله صلىاللهعليهوسلم. وقوله تعالى (فَإِذا عَزَمَ) أي جد الأمر للجهاد (فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ) ما عاهدوا عليه من أنهم يقاتلون مع رسوله (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) في الدنيا والآخرة. ثم قال لهم مخاطبا إياهم توبيخا وتقريعا (فَهَلْ عَسَيْتُمْ) بكسر السين (٢) وفتحها قراءتان (إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) أي عن الإيمان الصوري إلى الكفر الظاهر فأعلنتم عن ردتكم (أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) بفعل الشرك وارتكاب المعاصي (وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) بإعلان الحرب على أقربائكم المؤمنين الصادقين. هذا إذ كان التولى بمعنى الرجوع إلى الكفر العلني وإن كان بمعنى الحكم فالأمر كذلك إذا حكموا ليفعلون ما هو أعظم من الشرك والفساد في الأرض وتقطيع الأرحام ، وأخيرا سجلت الآية (٢٣) لعنة الله فقال تعالى أولئك أي البعداء في الخسة والحطة (الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ) فأبعدهم من رحمته (فَأَصَمَّهُمْ) عن سماع الحق (وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) عن رؤية الهدى والطريق المستقيم.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ جواز تمنى الخير والأولى أن يسأل الله تعالى ولا يتمنى بلفظ ليت كذا.
٢ ـ في القرآن محكم ومنسوخ من الآيات وكله كلام الله يتلى ويتقرب به إلى الله تعالى ويعمل بالمحكم دون المنسوخ وهو قليل جدا.
٣ ـ ذم الجبن والخور والهزيمة الروحية.
٤ ـ شر الخلق من إذا تولى أفسد في الأرض بالشرك والمعاصي.
(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (٢٤) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ (٢٥) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ
__________________
(١) (فَأَوْلى) : قال الأصمعي معناه قاربه ما يهلكه.
(٢) قرأ نافع وحده بكسر السين وفتحها ما عداه حفص وغيره.