ظرف ذلك بقوله (إِذِ انْبَعَثَ) (١) أشقى تلك القبيلة الذي هو قدار بن سالف الذي يضرب به المثل في الشقاوة فيقال أشأم من قدار وقال فيه رسول الله أشقى الأولين والآخرين قدار بن سالف وقوله (فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ) أي صالح (ناقَةَ اللهِ) (٢) أي احذروها فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم ذروها (وَسُقْياها) أي وماء شربها إذ كان الماء قسمة بينهم لها يوم ولهم يوم. (فَكَذَّبُوهُ) في ذلك وفي غيره من رسالته ودعوته إلى عبادة الله وحده (فَعَقَرُوها) (٣) أي فذبحوها (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ) أي أطبق عليهم العذاب وعمهم به فلم ينج منهم أحد وذلك (بِذَنْبِهِمْ) لا بظلم منه تعالى ، (فَسَوَّاها) في النقمة والعذاب (وَلا يَخافُ (٤) عُقْباها) أي تبعة تلحقه من هلاكها إذ هو رب الكل ومالك الكل وهو القاهر فوق عباده وهو العزيز الحكيم.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ بيان أن نجاة العبد من النار ودخوله الجنة متوقف على زكاة نفسه وتطهيرها من أوضار الذنوب والمعاصي ، وأن شقاء العبد وخسرانه سببه تدنيسه نفسه بالشرك والمعاصي وكل هذا من سنن الله تعالى في الأسباب والمسببات.
٢ ـ التحذير من الطغيان وهو الإسراف في الشر والفساد فإنه مهلك ومدمر وموجب للهلاك والدمار في الدنيا والعذاب في الآخرة.
٣ ـ تسلية الرسول صلىاللهعليهوسلم والتخفيف عنه إذ كذبت قبل قريش ثمود وغيرها من الأمم كأصحاب مدين وقوم لوط وفرعون.
٤ ـ انذار كفار قريش عاقبة الشرك والتكذيب والمعاصي من الظلم والاعتداء.
__________________
(١) انبعث مضارع بعث أي بعثته فانبعث ، إذا القوم بعثوا قدارا أي أرسلوه فالبعث إجابة لهم إذ كان عقره الناقة بموافقتهم ورضاهم. بل بتحريضهم له ودفعهم إليها.
(٢) (ناقَةَ اللهِ) منصوب على التحذير كما في التفسير والإضافة للتشريف والسقيا اسم مصدر من سقى يسقي سقيا.
(٣) (فَعَقَرُوها) : العقر هو جرح البعير في يديه ليبرك على الأرض من الألم فإذا برك ذبح هذا الأصل ثم أصبح يطلق عقر البعير على ذبحه. والفاء في فعقروها للترتيب.
(٤) العقبى اسم لما يحصل عقب فعل من الأفعال من تبعة لصاحبه أو مثوبة فهي كالعاقبة وهي الحال التي تعقب من خير وشر.