وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً (١٤) وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً (١٥))
شرح الكلمات :
(وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ) : أي طلبنا خبرها كما جرت بذلك عادتنا.
(حَرَساً شَدِيداً) : أي حراسا وحفظة من الملائكة يحفظونها بشدة وقوة.
(وَشُهُباً) : أي نجوما يرمى بها الشياطين أو يؤخذ منها شهاب فيرمى به.
(مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ) : أي من أجل أن نسمع ما يحدث وما يكون في الكون.
(شِهاباً رَصَداً) : أي أرصد وأعد لرمي الشياطين وإبعادهم عن السمع.
(رَشَداً) : أي خيرا وصلاحا.
(كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً) : أي مذاهب مختلفة إذا الطرائق جمع طريقة ، والقدد جمع قدة وهي الضروب والأجناس المختلفة.
(وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً) : أي لا نفوته هاربين في الأرض أو في السماء.
(لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى) : أي القرآن الداعي إلى الهدى المخالف للضلال.
(بَخْساً وَلا رَهَقاً) : أي نقصا من حسناته ولا إثما يحال عليه ويحاسب به.
(وَمِنَّا الْقاسِطُونَ) : أي الجائرون عن قصد السبيل وهو الإسلام.
(تَحَرَّوْا رَشَداً) : أي تعمدوا الرشد فطلبوه بعناية فحصلوا عليه.
(فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) : أي وقودا تتقد بهم يوم القيامة.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في ما قالته الجن بعد سماعها القرآن الكريم. وهو ما أخبر تعالى به عنهم في قوله (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ) أي طلبناها كعادتنا (فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً) أي (١) ملائكة أقوياء يحرسونها وشهبا نارية يرمى بها كل مسترق للسمع منا. وقالوا : (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها) أي من السماء (مَقاعِدَ) أي أماكن معينة لهم (لِلسَّمْعِ) (٢) أي لأجل الاستماع من ملائكة
__________________
(١) الشهب جمع شهاب ككتاب وكتب وهو ما يؤخذ من الكواكب النارية فيرمى به الجن. والحرس جمع حارس ولم يقل شديدين نحو قولنا السلف الصالح بدل الصالحين. وجمع الحرس احراس كسلف وأسلاف.
(٢) الذين كانوا يسترقون السمع هم مردة الجن وشياطينهم. ومما ينبغي أن يعلم هنا أن الجن هم أولاد الجان المخلوق من مارج من نار وأن الشياطين هم أولاد إبليس وأن من فسق عن أمر الله تعالى وتمرد على شرعه فخبث واشتد خبثه يصبح شيطانا ويلحق بالشياطين الذين لا خير فيهم البتة.