(وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ) : أي وغدوا صباحا على قصد قادرين على صرمها قبل أن يطلع عليهم المساكين.
(إِنَّا لَضَالُّونَ) : أي مخطئوا الطريق أي ما هذا طريق جنتنا ولا هي هذه.
(بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) : أي لما علموا أنها هي وقد احترقت قالوا بل نحن محرومون منها لعزمنا على حرمان المساكين منها.
(قالَ أَوْسَطُهُمْ) : خيرهم تقوى وأرجحهم عقلا.
(لَوْ لا تُسَبِّحُونَ) : أي تسبحون الله وتستثنون عند ما قلتم لنصرمنها مصبحين.
(يَتَلاوَمُونَ) : أي يلوم بعضهم بعضا تندما وتحسرا.
(إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ) : أي طامعون.
(كَذلِكَ الْعَذابُ) : أي مثل هذا العذاب بالحرمان العذاب لمن خالف أمرنا وعصانا.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في مطلب هداية قريش قوم محمد صلىاللهعليهوسلم فقال تعالى (إِنَّا بَلَوْناهُمْ) يعني كفار قريش أي امتحناهم واختبرناهم بالآلاء والنعم لعلهم يشكرون فلم يشكروا ثم بالبلاء والنقم أي بالقحط والجدب والقتل لعلهم يتوبون كما بلونا أصحاب الجنة فتابوا ثم ذكر تعالى قصة أصحاب الجنة الذين ابتلاهم فتابوا إليه ورجعوا إلى طاعته فقال (إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ) (١) (إِذْ أَقْسَمُوا) ـ حلفوا ـ (لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ) (٢) أي ليقطعن ثمارها ويجدونه في الصباح الباكر قبل أن يعلم المساكين حتى لا يعطوهم شيئا. (وَلا يَسْتَثْنُونَ) أي لم يستثنوا في حلفهم لم يقولوا إلا أن يشاء الله. (فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ) يا رسولنا وهو نار أحرقتها (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ) أي الليل المظلم الأسود الشديد السواد. (فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ) أي نادى بعضهم بعضا وهم إخوة كثير في أول الصباح قائلين (اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ) فعلا جادين في الصرام هذا الصباح. (فَانْطَلَقُوا) مسرعين (وَهُمْ يَتَخافَتُونَ) يتشاورون في صوت خافت حتى لا
__________________
(١) قيل إن هذه الجنة «البستان» كانت على فراسخ من صنعاء اليمن وكانت بعد رفع عيسى عليهالسلام ، كانت لرجل مؤمن يؤدي حق الله تعالى فلما مات صارت لأولاده فعزموا على منع الناس ما كان والدهم يعطيه لمن يحضر الجداد من فقراء ومساكين فعاقبهم الله فاحترقت وفي الآيات بيان ذلك.
(٢) في الآية أدب سام وهو أن من كان له من الزرع أو التمر ما يجد ، ينبغي أن لا يجده ليلا حتى لا يحرم الفقراء من الأكل منه وأن عليه أن يمنح من يحضر الجداد والقطع شيئا يسيرا من زرعه أو ثمره ، وآية سورة النساء ظاهرة في هذا وهي قوله تعالى (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى) إلى قوله (فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ) الآية.