أي ما توقد به الناس من المشركين والحجارة التي هي أصنامهم التي كانوا يعبدونها يقون أنفسهم بطاعة الله ورسوله تلك الطاعة التي تزكي أنفسهم وتؤهلهم لدخول الجنة بعد النجاة من النار.
وقوله تعالى (عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) أي على النار قائمون عليها وهم الخزنة التسعة عشرة غلاظ القلوب (١) والطباع شداد البطش إذا بطشوا ولا يعصون الله أي لا يخالفون أمره ، وينتهون إلى ما يأمرهم به وهو معنى ويفعلون ما يؤمرون.
وقوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ) (٢) هذا يقال لأهل النار ينادون ليقال لهم : لا تعتذروا اليوم حيث لا ينفع الاعتذار. و (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) الحسنة بالحسنة والسيئة بالسيئة.
وقوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً) هذا هو النداء الثاني الذي ينادى فيه الله تعالى عباده المؤمنين يأمرهم فيه بالتوبة العاجلة النصوح التى لا يعود صاحبها الى الذنب كما لا يعود اللبن الى (٣) الضرع ، ويعدهم ويبشرهم يعدهم بتكفير سيئآتهم ، يبشرهم بالجنة دار النعيم المقيم فيقول (عَسى (٤) رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ) أي بعد ذلك (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) أي بإدخالهم الجنة. وقوله تعالى (نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) أي وهم مجتازون الصراط يسألون ربهم أن يبقي (٥) لهم نورهم لا يقطعه عنهم حتى يجتازوا الصراط وينجوا من السقوط في جهنم كما يسألونه أن يغفر لهم ذنوبهم التى قد يردون بها الى النار بعد اجتياز الصراط.
وقولهم : (إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) هذا توسل منهم لقبول دعائهم حيث توسلوا بصفة القوة والقدرة لله تعالى فقالوا إنك على كل شيء قدير فأتمم لنا نورنا واغفر لنا.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ وجوب العناية بالزوجة والأولاد وتربيتهم وأمرهم بطاعة الله ورسوله ونهيهم عن ترك ذلك.
٢ ـ وجوب التوبة الفورية على كل من أذنب من المؤمنين والمؤمنات وهى الإقلاع من الذنب فورا
__________________
(١) قال ابن عباس رضي الله عنهما : ما بين منكبي الواحد منهم مسيرة سنة ، وروى مرفوعا ما بين منكبي أحدهم كما بين المشرق والمغرب.
(٢) لأن عذرهم لا ينفعهم. والقصد من هذا النهي هو تحقيق اليأس لهم.
(٣) قال القرطبي اختلف في تحديد التوبة النصوح على ثلاث وعشرين قولا وقدم ما في التفسير على تلك الأقوال.
(٤) عسى من الله تعالى واجبة ، ويشهد لهذا قوله صلىاللهعليهوسلم التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
(٥) قال ابن عباس ومجاهد : هذا دعاء المؤمنين حين أطفأ الله نور المنافقين.