(ذلِكَ أَمْرُ اللهِ) : أي ذلك المذكور في العدة وتفاصيلها.
(أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ) : أي لتأتمروا به وتعملوا بمقتضاه.
معنى الآيين :
ما زال السياق الكريم في بيان أحكام الطلاق والرجعة والعدة فقال تعالى : (١) (وَاللَّائِي يَئِسْنَ) (٢) (مِنَ الْمَحِيضِ) أي لكبر سنهن كمن تجاوزت الخمسين من عمرها إذا طلقت بعد الدخول بها. (إِنِ ارْتَبْتُمْ) (٣) أيها المؤمنون في مدة عدتهن ، (فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ. وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) أي لصغرهن كذلك ، عدتهن ثلاثة أشهر وقوله (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ) أي الحوامل إن طلقن أو مات عنهن أزواجهن أجلهن في انقضاء عدتهن أن يضعن حملهن أي وضع حملهن فمتى ولدت ما في بطنها من جنين فقد انقضت عدتها ولو وضعته قبل استكمال التسعة أشهر ، إن لم تتعمد إسقاطه بالإجهاض المعروف اليوم عند الكوافر والكافرين.
وقوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ) أي منكم أيها المؤمنون في هذه الأحكام المتعلقة بالطلاق والرجعة والعدة فلا يخالف أمره في ذلك يكافئه الله تعالى من فضله فيجعل له من أمره يسرا فيسهل عليه أمره ويرزقه ما تقر به عينه ويصلح به شأنه.
وقوله تعالى : (ذلِكَ أَمْرُ اللهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ) أي ذلك المذكور من الأحكام في هذه السورة من الطلاق والرجعة والعدة وتفاصيلها حكم الله أنزله إليكم لتأمروا وتعملوا به فاعملوا به ولا تهملوه طاعة لله وخوفا من عذابه (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ) في أوامره ونواهيه فيؤدى الواجبات ويتجنب المحرمات (يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) أي يغفر له ذنوبه ويدخله الجنة.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين :
١ ـ بيان العدة وهي كالتالي :
١ ـ متوفى عنها زوجها وهي غير حامل عدتها : أربعة أشهر وعشر ليال.
__________________
(١) روي أن عددا من الصحابة وهم : أبي بن كعب وخلاد بن النعمان ومعاذ بن جبل كل واحد سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن عدة الصغيرة والكبيرة ممن لا يحضن وعدة الحامل كذلك فأنزل الله تعالى هذه الآية : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ). والآية مخصصة لعموم آية البقرة (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) فقد نزلت سورة الطلاق بعد سورة البقرة.
(٢) اليأس : عدم الأمل والميؤوس منه في الآية هو : الحيض وسواء كان قد وجد وانعدم أم لم يوجد بعد.
(٣) أطلق الفقهاء على التي تحيض وانقطع حيضها وهي لم تبلغ سن اليأس أطلقوا عليها : (المرتابة) وألزموها بأن تتربص تسعة أشهر وهي مدة الحمل فإن لم تحض ولم يظهر لها حمل اعتدت بثلاثة أشهر فتتم لها سنة ثم لها أن تتزوج لانقضاء عدتها.