يجوز لحرمة الإضرار بالناس وفي الحديث : لا ضرر (١) ولا ضرار. وقوله (أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) وذلك بأن يعطيها ما بقى لها من مهرها ويمتعها (٢) بحسب حاله غنى وفقرا. وقوله تعالى (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) أي أشهدوا على النكاح والطلاق والرجعة أما الإشهاد على النكاح فركن ولا يصح النكاح بدونه ، وأما في الطلاق والرجعة فهو مندوب ، وقد يصح الطلاق والرجعة بدونه ، ويشترط في الشهود أن يكونوا عدولا ، وأن يكونوا مسلمين لا كافرين. (٣) وقوله : (وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ) أي أدوها على وجهها ولا تراعوا فيها الا وجه الله عزوجل. وقوله : (ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي ذلكم المأمور به من أول السورة كالطلاق في طهر لم يجامعها فيه وكإحصاء العدة وعدم إخراج المطلقة من بيتها والإمساك بالمعروف والفراق بالمعروف والإشهاد في النكاح والطلاق والرجعة والإقساط في الشهادة كل ذلك يوعظ به أي يؤمر به وينفذه المؤمن بالله واليوم الآخر إذ هو الذي يخاف عقوبة الله وعذابه فلا يقدم علي معصيته.
وقوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) هذه الآية نزلت في عوف بن مالك الأشجعي أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال يا رسول الله إن ابني أسره العدو وجزعت أمه فبم تأمرني؟ قال آمرك وإياها أن تكثروا من قول : لا حول ولا قوة إلا بالله. فقالت المرأة نعم ما أمرك به فجعلا يكثران منها فغفل العدو عن ابنهما فاستاق غنمهم وجاء بها الى أبويه فنزلت هذه الآية ، وهي عامة في كل من يتق الله تعالى فإنه يجعل له من كل ضيق مخرجا ومن كل كرب فرجا ، ويرزقه من حيث لا يرجو ولا يؤمل ، ولا يخطر له على بال ، ومن يتوكل على الله تعالى في أمره فلا يفرط في أمر الله ، ولا يضيع حقوقه فإن الله تعالى يكفيه ما يهمه من أمر دينه ودنياه. وقوله تعالى (إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ) (٤) أي منفذ أمره في عباده لا يعجزونه أبدا ، وقد (٥) جعل لكل شيء قدرا أي مقدارا وزمانا ومكانا فلا يتقدم ولا يتأخر ، ولا يزيد ولا ينقص فمن رضى فله الرضا ، ومن سخط فله السخط ، ولا يقع في ملك الله الا ما يريد الله.
__________________
(١) رواه مسلم في صحيحه.
(٢) المتعة واجبة للمطلقة التي لم يفرض لها صداق ولغيرها من المطلقات سنة مستحبة.
(٣) وأن يكونا ذكرين فالنساء شهادتهن خاصة في الأموال لا غير.
(٤) قرأ نافع إن الله بالغ أمره بتنوين بالغ ونصب أمره على أنه معمول لاسم الفاعل المنون ، وقرأ حفص بإضافة بالغ إلى أمره فبالغ مرفوع بدون تنوين وأمر : مجرور بالإضافة إليه.
(٥) أي : لكل شيء من الشدة والرخاء أجل ينتهي إليه. قاله القرطبي : وما في التفسير أوضح وأشمل.