(أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) : أي أثبت الإيمان في قلوبهم.
(وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) : أي برهان ونور وهدى.
(رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) : أي رضى الله عنهم بطاعتهم إياه في الدنيا ورضوا عنه في الآخرة بإدخاله إياهم في الجنة.
(أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) : أي ألا إن جند الله وأولياءه هم الفائزون بالنجاة من النار ودخول الجنة.
معنى الآيات :
يخبر تعالى موجها المؤمنين مرشدا لهم إلى أقوم طريق وأكمل الأحوال فيقول : (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) أي يخالفونهما في أمرهما ونهيهما وما يدعوان إليه من الدين الحق (أُولئِكَ) أي المخالفون في زمرة (الْأَذَلِّينَ) (١) في الدنيا والآخرة. وقوله تعالى (كَتَبَ (٢) اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) أي كتب في اللوح المحفوظ وقضى بأن يغلب رسوله أعداءه بالحجة والسيف (٣). (إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) أي ذو قوة لا تقهر وعزة لا ترام فلذا قضى بنصرة رسوله على أعدائه مهما كانت قوتهم.
وقوله تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ (٤) بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) يقول تعالى لرسوله لا تجد أناسا يؤمنون بالله إيمانا صادقا بالله ربا وإلها وباليوم الآخر (يُوادُّونَ) بالمحبة والنصرة (مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ) بمخالفتهما في أمرهما ونهيهما وما يدعوان إليه من توحيد الله وطاعته وطاعة رسوله (وَلَوْ كانُوا) أقرب قريب إليهم من أب أو إبن أو أخ أو عشيرة. وقوله تعالى (أُولئِكَ كَتَبَ) أي الله تعالى (فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) أي أثبته وقرره فيها فهو لا يبرح ينير لهم طريق الهدى حتى ينتهوا إلى جوار ربهم.
__________________
(١) (الْأَذَلِّينَ) جمع الأذل وهو : الأكثر ذلا من كل ذليل والذل المهانة والصغار والاحتقار.
(٢) روي أن مقاتلا قال : قال المؤمنون لئن فتح الله لنا مكة والطائف وخيبر وما حولهن رجونا أن يظهرنا الله على فارس والروم فقال عبد الله بن أبي بن سلول أتظنون أن الروم وفارس مثل القرى التي غلبتم عليها ، والله إنهم لأكثر عددا وأشد بطشا من أن تظنوا فيهم ذلك فأنزل الله تعالى : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَ) أي : قضى الله ذلك.
(٣) من بعث منهم بالحجة فإنه غالب بالحجة ومن بعثه بالسيف فهو غالب بالسيف بإذنه تعالى.
(٤) ذكر لنزول هذه الآية عدة أسباب وهي وإن لم تنزل في كلها فإنها منطبقة عليها فقيل : إنها نزلت في عبد الله بن عبد الله ابن أبي بن سلول فقد جاء لوالده بفضلة ماء من شراب رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعل الله يطهر قلبه من النفاق فسأله ما هذا فأخبره فقال عليه لعائن الله : فهلا جئتني ببول أمّك فإنه أطهر منها فغضب وجاء يستأذن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في قتله فلم يأذن له ، وقيل نزلت في أبي بكر الصديق لما ضرب والده بشدّة لما سبّ له رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقيل : نزلت في الذين بارزوا أقرباءهم يوم بدر.