لا يجدها نسخ تعالى ذلك ولم تدم مدة الوجوب أكثر من ليالى ونسخها الله تعالى بقوله الآتي أأشفقتم. الآية.
وقوله تعالى (ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ) (١) أي تقديم الصدقة بين يدي المناجاة خير لكم حيث تعود الصدقة على الفقراء إخوانكم وأطهر أي لنفوسكم لأن النفس تطهر بالعمل الصالح وقوله تعالى (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا) أي ما تقدمونه صدقة قبل المناجاة فناجوه صلىاللهعليهوسلم ولا حرج عليكم لعدم وجدكم (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ) لكم (رَحِيمٌ) بكم. وقوله تعالى (أَأَشْفَقْتُمْ) (٢) أي أخفتم الفاقة والفقر إن أنتم ألزمتم بالصدقة بين يدي كل مناجاة وعليه فإن (لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) برفع هذا الواجب ونسخه فرجع بكم إلى عهد ما قبل وجوب الصدقة (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) بأدائها في أوقاتها في جماعة المؤمنين مراعين شرائطها وأركانها وسننها وآدابها (وَآتُوا الزَّكاةَ) الواجبة في أموالكم. (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) في أمرهما ونهيهما يكفكم ذلك عوضا عن الصدقة التي نسخت تخفيفا عليكم ورحمة بكم.
وقوله (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (٣) أي فراقبوه في طاعته وطاعة رسوله تفلحوا فتنجوا من النار وتدخلوا الجنة دار الأبرار.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ الندب إلى فضيلة التوسع في مجالس العلم والتذكير.
٢ ـ الندب والترغيب في القيام بالمعروف وأداء الواجبات إذا دعى المؤمن إلى ذلك.
٣ ـ فضيلة الإيمان وفضل العلم والعمل به.
٤ ـ مشروعية النسخ في الشريعة قبل العمل بالمنسوخ وبعده إذ هذه الصدقة نسخت قبل أن يعمل بها اللهم إلا ما كان من عليّ (٤) رضي الله عنه فإنه أخبر أنه تصدق بدينار وناجى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم نسخت هذه الصدقة فكان يقول في القرآن آية لم يعمل بها أحد غيري وهى فضيلة له رضى الله عنه.
__________________
(١) قال ابن العربي : في الآية دليل على أن الأحكام لا تترتب بحسب المصالح فإن الله تعالى قال (ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ) ثم نسخ ذلك مع كونه خيرا وأطهر. ولكن قد يقال إنّ ما نسخ من أجله قد يكون أكثر منفعة للمسلمين في دينهم ودنياهم ، وإن كان خافيا عن المسلمين لا يعلمونه.
(٢) الاستفهام المراد به لوم الأصحاب على تأخرهم عن المناجاة لما فرضت عليها الصدقة. قيل كان ما بين الآيتين الناسخة والمنسوخة عشرة أيّام.
(٣) الجملة تذييل لجملة : (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) وهي كناية عن التحذير من التفريط في طاعة الله ورسوله صلىاللهعليهوسلم.
(٤) روي أن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : لقد كانت لعليّ رضي الله عنه ثلاث لو كانت لي واحدة منهن كانت أحبّ إليّ من حمر النعم : تزويجه فاطمة وإعطاؤه الراية يوم خيبر وآية النجوى.