قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

المسامرة

197/360
*

وإن قال به من أئمة المحققين أبو المظفر الأسفرايني (١) ؛ لأنه مخالف للنص الصريح (قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنما أنا بشر أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكّروني») أخرجه الشيخان وغيرهما (٢) (وظاهر قوله) صلى‌الله‌عليه‌وسلم : («إنما أنسّى لأسن» (٣) أنه يورد عليه النسيان) من قبل الله سبحانه وتعالى (فيتصف به ، إلا أنه لا يقرّ عليه فيما هو أمر ديني ، بل ينبه) فيكون ذلك النسيان سببا يترتب عليه بيان حكم شرعي يتعلق بالمنسي ، ف «أنسّى» : بتشديد السين مبني للمفعول ، معناه : يورد علي النسيان. و «لأسن» معناه : لأبين طريقا يسلك في الدين هو سبب لإيراد النسيان ، بمعنى أنه ثمرة يترتب على النسيان ، لا باعث على إيراده.

(ومنع المعتزلة الكبائر) أي : صدورها من نبي (قبل البعثة) له (أيضا للوجه الذي منعنا به الكفر قبلها ، وهو التنفير عنه وعدم الانقياد له).

هذا كلام متعلق بالأفعال التي ليس طريقها الإبلاغ ، وهو منهي عنها ، (وأما فيما طريقه الإبلاغ) أي : إبلاغ الشرع وتقريره من الأقوال وما يجري مجراها من الأفعال ، كتعليم الأمة بالفعل (فهم معصومون فيه من السهو والغلط ، وأما غير ذلك) أي : ما ليس من القسمين السابقين ، كما يختص به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من أمور دينهم وادّكار قلوبهم ونحوها ، مما يفعلونه لا ليتبعوا فيه (فهم فيه كغيرهم من البشر) في جواز السهو والغلط ، هذا الذي عليه أكثر العلماء ، خلافا لجماعة المتصوفة وطائفة من المتكلمين ، حيث منعوا السهو والنسيان والغفلات والفترات جملة في حق النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٤).

(قال القاضي أبو بكر) : تفريعا على ما عليه الأكثر (فيجوز) أي : عقلا (كونه) أي : النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (غير عالم بشرائع من تقدّمه) من الأنبياء ، (و) كونه (غير

__________________

(١) أبو المظفر الأسفراييني : شهفور أو طيفور بن طاهر بن محمد الأسفراييني ، أبو المظفر. فقيه ، أصولي ، مفسر. من تصانيفه : التبصير في الدين (معجم المؤلفين : ١ / ٨٢١). وفي قوله هذا موافقة للمعتزلة الذين لا يجيزون شيئا من الخطأ والزلل والمعاصي ولا شيئا من المباحات المستخفة عليهم. انظر : أصول الدين ، ص ١٣٨ ، لجمال الدين بن سعيد.

(٢) هو حديث ابن مسعود المشار إليه نفسه.

(٣) رواه مالك في السهو ١ / ١٠٠ ، وهو أحد الأحاديث الأربعة التي بقيت من الموطأ غير موصولة. قال ابن عبد البر : «لا أعلم هذا الحديث روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مسندا ولا مقطوعا من غير هذا الوجه» اه وهو حديث ضعيف إسناده معضل.

(٤) انظر : الشفاء ، للقاضي عياض ، ٢ / ٧١٩.