(الأصل الثاني)
(أنّه) أي : أن الباري (تعالى قديم ، لا أوّل له)
(أي : لم يسبق وجوده عدمه) وهذا التفسير للقديم (١) ينبه على أن القدم في حقه (٢) تعالى بمعنى الأزلية التي هي كون وجوده غير مستفتح ، لا بمعنى تطاول الزمن ، فإن ذلك وصف للحادثات (٣) ، كما في قوله تعالى : (كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) (سورة يس : ٣٩) ، وليس القدم معنى زائدا على الذات.
قال حجة الإسلام في «الاقتصاد» : «ليس تحت لفظ القديم ـ يعني في حق الله تعالى ـ سوى إثبات موجود ونفي عدم سابق ، فلا تظنّنّ أن القدم معنى زائد على ذات القديم ، فيلزمك أن تقول ذلك المعنى أيضا قديم بقدم زائد عليه ، ويتسلسل إلى غير نهاية» (٤) اه.
__________________
(١) القديم : عبارة عما ليس قبله زمانا ، أو الموجود الذي ليس وجوده مسبوقا بالعدم أو الموجود الذي لا يكون وجوده من الغير ، وهو القديم بالذات ، وهو الله سبحانه ، ويقابله الحادث بالذات ، وقال الإمام الأشعري : القديم هو المتقدم في الوجود على شرط المبالغة ، والقدم صفة سلبية ، فهي ليست بمعنى أنها موجودة في نفسها كالعلم مثلا ، وإنما هي عبارة عن سلب العدم السابق للوجود أو عدم افتتاح الوجود. وقد اتّفق على وصف ذات الله بالقدم ، لكن اختلف في كونه اسما من الأسماء الحسنى ، ومن أثبته استدل بوروده في حديث أبي هريرة الذي عد فيه أسماء الله تعالى التسعة والتسعين ، والحديث رواه الترمذي وأصله في الصحيح بدون زيادة النص على الأسماء ، أما الزيادة فضعيفة. أما النافون لهذا الاسم فلعدم ورود نصوص صحيحة به ، وورد بدله «الأول».
(٢) في (م) : حق الله.
(٣) في (م) : المحدثات.
(٤) الاقتصاد في الاعتقاد ، ص ٦٩.