إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

مجموعه رسائل الإمام الغزالي

مجموعه رسائل الإمام الغزالي

مجموعه رسائل الإمام الغزالي

المؤلف :أبو حامد الغزالي

الموضوع :العقائد والكلام

الناشر :دار الفكر

الصفحات :586

تحمیل

مجموعه رسائل الإمام الغزالي

543/586
*

وأنكروا الجنة والنار ، والحشر والنشر ، والقيامة والحساب ، فلم يبق عندهم للطاعة ثواب ، ولا للمعصية عقاب ، فانحل عنهم اللجام ، وانهمكوا في الشهوات انهماك الأنعام.

وهؤلاء أيضا زنادقة : لأن أصل الإيمان حد الإيمان بالله واليوم الآخر ، وهؤلاء جحدوا اليوم الآخر ، وإن آمنوا بالله وبصفاته.

الصنف الثالث : الإلهيون : وهم المتأخرون منهم ، مثل سقراط وهو أستاذ أفلاطون ، وأفلاطون أستاذ أرسطاطاليس. وأرسطاطاليس هو الذي رتب لهم المنطق ، وهذب لهم العلوم ، وحرر لهم ما لم يكن محررا من قبل ، وأنضج لهم ما كان فجا من علومهم. وهم بجملتهم ردوا على الصنفين الأولين من الدهرية والطبيعة ، وأوردوا في الكشف عن فضائحهم ما أغنوا به غيرهم (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) بتقاتلهم. ثم رد أرسطاطاليس على أفلاطون وسقراط ومن كان قبله من الإلهيين ردا لم يقصر فيه حتى تبرأ من جميعهم ؛ إلا أنه استبقى أيضا من رذائل كفرهم وبدعتهم بقايا لم يوفق للنزع منها ؛ فوجب تكفيرهم ، وتكفير متبعيهم من المتفلسفة الإسلاميين ، كابن سينا والفارابي وغيرهما. على أنه لم يقم بنقل علم أرسطاطاليس أحد من متفلسفة الإسلاميين كقيام هذين الرجلين ؛ وما نقله غيرهما ليس يخلو عن تخبيط وتخليط يتشوش فيه قلب المطالع حتى لا يفهم ، وما لا يفهم كيف يرد أو يقبل؟ ومجموع ما صح عندنا من فلسفة أرسطاطاليس ، بحسب نقل هذين الرجلين ، ينحصر في ثلاثة أقسام :

١. قسم يجب التكفير به.

٢. وقسم يجب التبديع به.

٣. وقسم لا يجب إنكاره أصلا.

أقسام علومهم

اعلم أن علومهم بالنسبة إلى الغرض الذي نطلبه ست أقسام : رياضية ، ومنطقية ، وطبيعية ، وإلهية ، وسياسية ، وخلقية.

١ ـ أما الرياضية : فتتعلق بعلم الحساب والهندسة وعلم هيئة العلم ، وليس يتعلق شيء منها بالأمور الدينية نفيا وإثباتا ، بل هي أمور برهانية لا سبيل إلى مجاحدتها بعد فهمها ومعرفتها. وقد تولدت منها آفتان :

الأولى : من ينظر فيها يتعجب من دقائقها ومن ظهور براهينها ، فيحسن بسبب ذلك اعتقاده في الفلاسفة ، ويحسب أن جميع علومهم في الوضوح ووثاقة البرهان كهذا العلم. ثم يكون قد سمع من كفرهم وتعطيلهم وتهاونهم بالشرع ما تناولته الألسن ، فيكفر بالتقليد المحض ويقول : لو كان الدين حقا لما اختفى على هؤلاء مع تدقيقهم في هذا العلم! فإذا عرف بالتسامع كفرهم وجحدهم ، فيستدل على أن الحق هو الجحد والإنكار للدين. وكم رأيت ممن ضل عن الحق