المقترنة بالأعمال الجادة العاملة على توحيد صفوفهم ، ونبذ خلافاتهم ، وتشخيص علَّة تفرُّقهم لمعالجتها ، لأنَّها هي الوسيلة الأنجع ، والسبيل الأقوم للنهوض بهذه الأُمة المبتلاة بهذا الداء الوبيل الذي بدأنا نرى ثماره واضحة وجلية في أيامنا هذه من التسابق المحموم من قِبل الكثير من الساسة المسلمين للصلح مع الكيان الصهيوني اللقيط ، ومد جسور العلاقة معه.
نعم ، لقد استجاب الشَّيخ كاشف الغطاء رحمه الله تعالى لطلب مشاركته في ذلك المؤتمر ، فشد الرحال نحو مدينة القدس الشريفة ـ التي كانت ولا زالت تحتل في ضمائر وقلوب المسلمين الكثير من الحب والتقديس ـ في ليلة الأوَّل من شهر رجب ، حيث استقبل من قبل جميع العلماء المشاركين في ذلك المؤتمر ، يتقدمهم مفتي القدس الشِّيخ الحسيني ، وكذا أعيان ووجهاء فلسطين آنذاك.
والحق يقال : أنَّ تواجد الشِّيخ كاشف الغطاء في ذلك التجمع العظيم كان حافلاً ، ومؤثراً ، بل واستقطب أنظار الجميع بعلمه وبلاغته وغيرته على هذا الدين الحنيف ، فطلب منه في احدى الليالي المفتي الحسيني ، ومفتي نابلس الشيخ محمَّد تفاحة ـ وكان من أكبرعلماء فلسطين سنّاً ـ ومراقب المسجد الاقصى ، أنْ يرتقي المنبر بعد صلاة المغرب لالقاء خطبة في الحاضرين الذين بلغ عددهم سبعين الفاً امتدت صفوفهم حتى خارج المسجد الاقصى.
ولعلنا لا نجافي الحقيقة إذا جزمنا بانَّ هيبة هذا المؤتمر ، وحساسية ظروفه ، لا بُدَّ أنْ تدفع بالكثيرين إلى الاعتذار والتنصُّل عن القيام بهذا الأمر اذا فوجئوا به على حين غرة ودون استعداد ، كما فوجئ بذلك الشيخ رحمه الله تعالى ، وبوغت به ، وكان بديهياً أنْ يعتذر عن ذلك لما يمكن أن يشكِّله من حرج يقدح بشخصيته ومكانته ، كما سجَّل لنا التأريخ في