السَّلام ، ويؤمنون بأنَّ الجنة والنار حق لا ريب فيهما ، وأنَّ الله تعالى سوف يبعث الموتى من قبورهم للحساب والجزاء ، فإنَّ الاعتقاد المتفاوت في ماهية الأمامة بين الطرفين شكَّل بالتالي نشوء ما نراه من التأويلات والتفسيرات المتفاوتة بتفاوت المدارس المختلفة ، والتي يخالف البعض منها الاخر ، بل ويستسلم البعض منها لآراء هجينة مردودة ، لا تتوافق وحقيقة الاعتقاد التي ينبغي التسليم بها (١).
__________________
(١) لعلّ من الأمور التي تثير الاستغراب في نفوس الباحثين وجود جملة من أصحاب السنن والصحاح ـ ومن استقى من منابعهم موارد بحثه دون تأمُّل أو تدبُّر ـ قد وقع أسير جملة مردودة من الأخبار والروايات الموضوعة التي يُشخَّص الكثير منها بانتمائه إلى الاسرائيليات التي جهدت أصابع أعداء الدين في رصفها مع جملة العقائد الاسلامية المباركة والمتوافقة مع العقل والمنطق والفطرة.
بل والأنكى من ذلك أنْ تجد مَنْ يتعبَّد بتلك النصوص الموضوعة ، ويسلِّم بصحتها ، ويؤمن بمضامينها ، وذلك ممّا تنفطر تأسفاً عليه القلوب ، رغم إيمان ذلك البعض بالجوانب السليمة من تلك العقيدة المتنافية بشكل حاد مع تلك الآراء والمعتقدات الدخيلة ، والذي يشكِّل دعوة صريحة وواضحة لمناقشة تلك الآراء مناقشة علمية رصينَة ، بعيدة عن التعصُّب والتشنُّج.
نعم إنَ تسرُّب هذه الاسرائيليات الموضوعة يشكِّل الطرف الأوضح في ظاهرة الفهم للخاطىء والتفسير السلبي لبعض النصوص القرآنية المباركة التي أصبحت محل الاختلاف في تفسير ورسم المفهوم الخاص لتلك المدارس في بعض العقائد التي يؤمن بها الجميع ، وزادها تعقيداً تشبث تلك المدارس في الدفاع عنها ، ورد الاعتراضات الموجهة اليها ، واتهام المخالفين الفين لها بالانحراف والسقوط ، رغم ان العقلاء من المسلمين يتسالمون على ما تشكله ظاهرة التحاور العلمي المبتني على اُسس التشريع الاسلامي من مرتكز واضح المباني في التوصل إلى نتيجتين ايجابيتين ، وهما التصحيح والتشذيب للمظاهر الدخيلة على العقائد الاسلامية ، أو التسليم بصواب المنهج الآخر والاقرار بصحته ، وذلك هو بغية كلُّ المخلصين.
وإذا كانت هناك بعض المشخَّصات التي تعزى الى ظاهرة التسرُّب جانب مهم في تبلورها وبنائها ، فإنَّ ما عرفه المسلمون ممّا يسمى بالتشبيه والتجسيم واحد من تلك الجوانب المشخصة الغريبة عن البنيان العقائدي للشريعة الاسلامية القائمة على التنزيه