نعم لا خلاف بأنَّ المسلمين كانوا يشكّلون ـ ظاهراً ـ في زمن رسول الله صلىاللهعليهوآله اُمَّة واحدة يحكمها وجود قائد ميداني ، تنقاد لمشيئته المنبعثة عن ارادة السماء جموع المسلمين ، فلا وجه لاي مخالفة انذاك غير الخروج عن اطار الاسلام ، والكفر الصريح. ومن هنا فلم تكن هناك شبهات عقائدية تعتري أحد ، لأنَّه يجد الجواب الشافي والحاسم لدى صاحب الرسالة صلىاللهعليهوآله . بيد أنَّ اللحظات الأًولى لرحليه صلىاللهعليهوآله شهدت بذر شجرة الخلاف التي تطاولت مع الأيام وتفرَّعت ، وضربت جذورها بعيدة في أعماق العقيدة الاسلامية المباركة ، وأثمرت معِ الأيام ثمراً مراً لا يُستساغ ، أقسر البعض نفسه على تجرُّعه غصصاً ، عناداَ للحقِّ ، أو استسلاماً للواقع المعاش.
فقد توفِّي رسول الله صلىاللهعليهوآله والدولة الاسلامية الغضة الفتية تعيش في أدق ظروفها السياسية وأحرجها ، وحيث تحوطها وتعيش بين جنبيها الكثير من المخاطر المشخَّصة العناوين : كالمنافقين ، ومدعي النبوة وحلفائهم من المشركين ، واليهود ، بالاضافة الى الخطر الذي تشكِّله عليهم كلُّ من الدولتين الرومانية والفارسية ، وغير ذلك.
وابان تلك الظروف الحساسة والخطرة اُبتليت الأُمَّة بأول وأخطر انقسام أصابها في الصميم ، وكان العلة الأساسية لكلِّ أمراضها وويلاتها المتلاحقة ، ونقطة الاختلاف التي تشعَّبت عنها كلُّ موارد التفرُّق المتفاوتة ، ولن تجد تفسيراً منطقياً وعلمياً يمكنه الاعراض عن التصريح بهذه الحقيقة الثابتة.
نعم إنَّ الاختلاف الذي مُنيت به الأُمَّة في مسألة خلافة رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ وما استتبعه بعد ذلك من نتائج متوقعة ـ كان هو سر الداء الذي سرى في جسد هذه الأُمَّة ، وتصيَّده أعداؤها فطفقوا ـ باساليب