والجماعة (١) والذين يتعبَّدون بفتاوى أئمة المذاهب الاربعة : أبو حنيفة ، مالك ، الشافعي ، وأحمد بن حنبل. فهناك الحنفي ، والشافعي ، والمالكي ، والحنبلي ، وجميع هذه المذاهب تلتقي وتفترق في جملة واسعة من المسائل ، وذلك أمر لا مناص منه.
وأمّا الثقل الأكبر الثاني فيتمثَّل بالشِّيعة ، وأعني بهم الشِّيعة الامامية الاثني عشرية ، وهم ينقادون في فهم عباداتهم ومعاملاتهم لأهل بيت النبوة عليهمالسلام ، الذين توارثوا علومهم عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فما افترق حكم اللاحق عن السابق ، بل كان مؤتمناً مؤدياً.
بلى إنَّ الشِّيعة ترجع في أحكام دينها إلى هذه العترة الطاهرة التي يجب على المسلمين بنص القران الكريم اتباعهم وموالاتهم ومودتهم ، ينضاف الى ذلك جملة واسعة من الأدلة الثابتة والصحيحة التي لا غبار عليها ، وهذا ما لا يحاول البعض ـ تعنُّتاً ومجافاة للحق ـ ادراكه وتفهُّمه ، فيضع نفسه في المضيق دون أيِ مرتكز يعول عليه ، بل والاغرب من ذلك أنْ تجد من يتوسَّل تبريراً لموقفه المستهجن ـ وذلك ما ليس بخاف على أحد ـ بما تمليه عليه حالته النفسية القلقة ، لا المرتكزات العقائدية والفكرية التي ينبغي ان تسود هذه المباحث.
__________________
(١) لعلَّه لا يخفى على أحد الأثر العظيمِ الذي خلَّفته الدهور المرة القاسية التي أحاطت بالشِّيعة ـ وأعملت أنيابها فيهم تمزيقاً وتقطيعاً وبشكل متناوب متلاحق ـ وساهمت بشكل مباشر في تحديد أعدادهم ، والحد من تكاثرهم بشكل جلي واضح للعيان ، وهذا ما سبق أنْ تقدَّم منّا الحديث عنه سالفاً.
يضاف إلى ذلك ما لجأت اليه الحكومات الجائرةِ المتلاحقة من ترويجها واسنادها للمذاهب الاسلامية الأُخرى ، تنكيلاً بالتشيَّع ، وتحجيماً له ، لا حباً وايماناً بتلك المذاهب في أغلب الأحيان ، وإنْ كان ذلك الأمر يتشكل في بعض الأحيان بصبغة التعصُّب الطائفي المقيت الخارج عن أي مفهوم شرعي.