وتعين الخلاف في الفاسق هل يجوز أن يسمّى كافرا؟ وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
وقوله : لم يرد دليل بخروج صاحبها من الملة : يحترز من معصية الكفر كالجهل بالله سبحانه ونحوه ، وسيأتي تحقيق ذلك إن شاء الله تعالى.
واعلم : أن لكل واحد من معاني الكفر والنفاق والفسق شبها بالمعنى اللّغوي :
أما الكفر : فلأنّ الكافر كالساتر للحق بالباطل وفي حكم الساتر لنعم الله تعالى عليه.
وأمّا النفاق : فلأنّ المنافق يبطن خلاف ما يظهر.
وأمّا الفاسق : فلأنه خارج من (١) ولاية الله تعالى إلى عداوته وخارج من (٢) حدود الله تعالى.
قال الإمام المهدي عليهالسلام : ومن أجل هذا الشّبه : حكم الرازي وغيره بأن الكفر والفسق لم ينقلا عن معناهما اللّغوي كما أنكر نقل لفظ الإيمان ، قال : وهو باطل بمثل ما قدمنا في لفظ المؤمن من أن المعلوم أن الشرع قد قصره على ما ذكرناه من المعنى.
والمعلوم : أن الستر والخروج الحقيقيين غير حاصلين فيهما فبطل ما زعموه.
قلت : ولم يتضح لي دليل النقل في اسم الكفر والفسق والنفاق لأنّ الكفر في عرف اللغة : الإخلال بالشكر ومرتكب الكبيرة المخرجة من الملّة وغيرها مخلّ بالشكر لأنّ الشكر هو الطاعة والامتثال لأمر الله كما تقرر.
والفاسق : خارج عن ولاية الله تعالى حقيقة.
والمنافق : يبطن خلاف ما يظهر حقيقة.
فهات الدليل من الشرع أنه لا يسمى باسم الكفر إلّا من ارتكب المعصية المخرجة من الملّة؟ ولا يسمّى مرتكب الكبيرة الغير المخرجة إلّا
__________________
(١) (ض) عن في الموضعين.
(٢) (ض) عن في الموضعين.