«وإن تعمّدوها جرأة على الله تعالى من غير مبالاة» منهم «بصغرها وكبرها وحاشاهم عن ذلك ثم بيّنت لهم» أي أنها صغائر مغفورة (١) «من بعد» الإقدام عليها جرأة «فذلك مؤدّ إلى التنفير عن قبول ما أتوا به» من الشرائع «وذلك» أي ما أدّى إلى التنفير «باطل» لا يجوز وقوعه في حق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
فإن قيل : إن تعريفهم بها لا يكون إغراء في حقهم لشدة رغبتهم في طاعة الله سبحانه فيكون علمهم بأنها تنقص من ثوابهم كافيا لهم في الزجر عنها؟
قلنا : هذا متناقض لأنها إن كانت معصية يكرهها الله تعالى فإن فعلوها مع هذا فهو حقيقة الإغراء ، وإن لم يفعلوها فلا معصية حينئذ منهم وأما معصية الأسباط مع يوسف عليهالسلام فهي من صريح العمد ولكن الله سبحانه قد أخبر بتوبتهم وندمهم وغفران خطيئتهم ولا مانع مع ذلك أن يكونوا أنبياء من بعد ذلك إذا علم الله طهارتهم كما ذكره الإمام أحمد بن سليمان والقاسم بن علي العياني عليهمالسلام والله أعلم. مع أنه لا دليل على نبوءتهم.
وأمّا قوله تعالى : (وَالْأَسْباطِ) فالمراد بهم ذراري أبناء يعقوب عليهمالسلام لأنّ السبط الحافد وولد الولد. والله أعلم.
(فرع)
«ووقوعها» أي المعصية «منهم» أي من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام «من باب التأويل وهو لتفريطهم في التحرّز» عن المعصية «لظنّهم أنهم لا يقعون فيها» لما معهم من الخشية لله سبحانه والمراقبة له جلّ وعلا في السّرّ والعلن فكان ذلك سببا في وقوع المعصية منهم سهوا.
«ومن ذلك» أي من المعاصي التي سببها التفريط في التحرّز «خطيئة
__________________
(١) (ب) معفوّة.