قال أحمد بن سلمة : فقلت له : أخبرني غير واحد أنّ جلّ أصحابنا صاروا إلى يحيى بن يحيى فكلّموه أن يكتب عبد الله بن طاهر في تخليتك ، فقال يحيى : لا أكاتب السّلطان. وإن كتب على لساني لم أكره حتّى يكون خلاصه. فكتب بحضرته على لسانه ، فلمّا وصل الكتاب إلى عبد الله بن طاهر أمر بإخراجك وأصحابك.
قال : نعم (١).
وعن بعضهم قال : كان محمد بن أسلم يشبّه في وقته بابن المبارك (٢).
وعن محمد بن أسلم قال : لو قدرت والله أن أتطوّع حيث لا يراني ملكاي لفعلت (٣).
وكان يدخل بيتا فيبكي ، ثمّ إذا خرج غسل وجهه واكتحل. وكان يبعث إلى قوم بعطاء أو كسوة في اللّيل ، ولا يعلمون من أين هي ، وقال أحمد بن سلمة : سمعت أنّ محمد بن أسلم مرض في بيت رجل من أهل طوس معمّر ، فقال له : لا تفارقني اللّيلة ، فإنّ أمر الله يأتيني قبل أن أصبح. فإذا متّ فلا تنتظر بي أحدا ، واغسلني للوقت وجهّزني واحملني إلى مقابر المسلمين. قال : ففاضت نفسه باللّيل ، فغسّل وكفّن وحمل وقت الصّبح. فأتاهم صاحب الأمير طاهر بن [عبد الله ، وأمرهم أن يحملوه] (٤) إلى مقبرة السّاذياخ ليصلّي عليه طاهر.
قال : فوضعت الجنازة والنّاس [يؤذّنون لصلاة الصّبح] (٥) ، وما نادى على جنازته أحد ، ولا روسل بوفاته أحد ، وإذا الخلق قد تجمّعوا بحيث لا يذكر مثله ، فتقدّم طاهر للصّلاة عليه ، ودفن بجنب إسحاق بن راهويه ، رحمة (٦) الله عليهما (٧).
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٢٠٢ ـ ٢٠٤.
(٢) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٢٠٧.
(٣) حلية الأولياء ٩ / ٢٤٣.
(٤) في الأصل بياض ، استدركته من : سير أعلام النبلاء.
(٥) في الأصل بياض.
(٦) في الأصل : «رحمت».
(٧) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٢٠٤.