فوجّهت فأعطيت شيئا ، فقال وجّه فاشتر تمرا وكفّر عنّي كفّارة يمين ، وبقي ثلاثة دراهم أو نحو ذلك ، فأخبرته فقال : الحمد لله (١). وقال : اقرأ عليّ الوصيّة. فقرأتها عليه فأقرّها. وكنت أنام إلى جنبه ، فإذا أراد حاجة حرّكني فأناوله.
وجعل يحرّك لسانه ولم يئنّ إلّا في اللّيلة الّتي توفّي فيها. ولم يزل يصلّي قائما ، أمسكه فيركع ويسجد ، وأرفعه في ركوعه.
واجتمعت عليه أوجاع الحصر (٢) وغير ذلك ، ولم يزل عقله ثابتا ، فلمّا كان يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأوّل لساعتين من النّهار توفّي (٣).
وقال المرّوذيّ : مرض أبو عبد الله ليلة الأربعاء لليلتين خلتا من ربيع الأوّل ، مرض تسعة أيّام ، وكان ربّما أذن للنّاس ، فيدخلون عليه أفواجا يسلّمون عليه ، ويردّ عليهم بيده.
وتسامع النّاس وكثروا ، وسمع السّلطان بكثرة النّاس ، فوكّل السّلطان ببابه وبباب الزّقاق الرابطة وأصحاب الأخبار. ثمّ أغلق باب الزّقاق ، فكان النّاس في الشّوارع والمساجد ، حتّى تعطل بعض الباعة ، وحيل بينهم وبين الباعة والشّراء (٤).
وكان الرجل إذا أراد أن يدخل إليه ربّما دخل من بعض الدّور وطرز الحاكة ، وربّما تسلّق.
وجاء أصحاب الأخبار فقعدوا على الأبواب.
وجاءه حاجب ابن طاهر فقال : إنّ الأمير يقرئك السّلام وهو يشتهي أن يراك. فقال : هذا ممّا أكره ، وأمير المؤمنين أعفاني ممّا أكره (٥).
__________________
(١) حلية الأولياء ٩ / ٢٢٠.
(٢) في الحلية ٩ / ٢٢٠ : «أوجاع الخصر» بالخاء ، وما أثبتناه يتفق مع : سير أعلام النبلاء ١١ / ٣٣٥.
(٣) الحلية ٩ / ٢٢٠.
(٤) سير أعلام النبلاء ١١ / ٣٣٦.
(٥) السير ١١ / ٣٣٦.