أبي عمّا دعي له فقال : قرأ عليّ كتاب جعفر يأمرني بالخروج إلى العساكر.
قال : وقال لي إسحاق بن إبراهيم : ما تقول في القرآن؟
فقلت : إنّ أمير المؤمنين قد نهى عن هذا.
فقال : لا تعلم أحدا أنّي سألتك.
فقلت له : مسألة مسترشد أو مسألة متعنّت؟
قال : بل مسألة مسترشد.
فقلت له : القرآن كلام الله ليس بمخلوق ، وقد نهى أمير المؤمنين عن هذا.
وخرج إسحاق إلى العساكر ، وقدم ابنه خليفة له ببغداد ، ولم يكن عند أبي عبد الله ما يتجمّل به وينفقه ، وكانت عندي مائة درهم ، فأتيت بها أبي ، فذهب بها إليه ، فأخذها وأصلح بها ما احتاج إليه ، واكترى منها ، وخرج ولم يلق محمد بن إسحاق بن إبراهيم ، ولا سلّم عليه. فكتب بذلك محمد إلى أبيه ، فحقدها إسحاق عليه ، فقال للمتوكّل : يا أمير المؤمنين إنّ أحمد بن حنبل خرج من بغداد ولم يأت محمدا مولاك.
فقال المتوكّل : يردّ ولو وطئ بساطي.
وكان أبو عبد الله قد بلغ بصرى ، فوجّه إليه رسولا يأمره بالرجوع ، فرجع وامتنع من الحديث إلّا لولده ولنا. وربّما قرأ علينا في منزلنا.
ثمّ إنّ رافعا رفع إلى المتوكّل أن أحمد بن حنبل ربّص علويّا في منزله ، وأنّه يريد أن يخرجه ويبايع عليه ، ولم يكن عندنا علم ، فبينا نحن ذات ليلة نيام في الصّيف سمعنا الجلبة ، ورأينا النّيران في دار أبي عبد الله ، فأسرعنا ، وإذا أبو عبد الله قاعد في إزار ، ومظفّر بن الكلبيّ صاحب الخبر وجماعة معهم. فقرأ صاحب الخبر كتاب المتوكل : ورد على أمير المؤمنين أنّ عندكم علويا ربّصته لتبايع عليه وتظهره. في كلام طويل.
ثمّ قال له مظفّر : ما تقول؟
قال : ما أعرف من هذا شيئا ، وإنّي لأرى له السّمع والطّاعة في عسري