(وَاللهُ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ) أي سميع لما تقولون ، عليم بضمائركم .
وقد أورد ابن جرير
هاهنا سؤالا حاصله : كيف تقولون إن النبي صلىاللهعليهوسلم سار إلى أحد يوم الجمعة بعد الصلاة وقد قال الله تعالى : (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ
تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ) الآية؟ ثم كان جوابه عنه : أن غدوه ليبوأهم مقاعد إنما كان
يوم السبت أول النهار . وقوله تعالى : (إِذْ هَمَّتْ
طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا) الآية ، قال البخاري : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا
سفيان ، قال : قال عمر : سمعت جابر بن عبد الله يقول : فينا نزلت (إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ
تَفْشَلا) الآية ، قال : نحن الطائفتان بنو حارثة وبنو سلمة وما نحب
ـ وقال سفيان مرة وما يسرني أنها لم تنزل لقوله تعالى : (وَاللهُ وَلِيُّهُما) وكذا رواه مسلم من حديث سفيان بن عيينة به. وكذا قال غير
واحد من السلف : إنهم بنو حارثة وبنو سلمة.
وقوله تعالى : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ) أي يوم بدر ، وكان يوم الجمعة وافق السابع عشر من شهر
رمضان من سنة اثنتين من الهجرة وهو يوم الفرقان الذي أعز الله فيه الإسلام وأهله ،
ودمغ فيه الشرك ، وخرب محله وحزبه هذا مع قلة عدد المسلمين يومئذ ، فإنهم كانوا
ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، فيهم فرسان وسبعون بعيرا ، والباقون مشاة ليس معهم من
العدد جميع ما يحتاجون إليه. وكان العدو يومئذ ما بين التسعمائة إلى الألف في
سوابغ الحديد والبيض والعدة الكاملة والخيول المسومة والحلي الزائد ، فأعز الله
رسوله وأظهر وحيه وتنزيله ، وبيض وجه النبي وقبيله ، وأخزى الشيطان وجيله ، ولهذا
قال تعالى ممتنا على عباده المؤمنين وحزبه المتقين (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ
اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) أي قليل عددكم ليعلموا أن النصر إنما هو من عند الله لا
بكثرة العدد والعدد ، ولهذا قال تعالى في الآية الأخرى (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ
كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً ـ إلى ـ غَفُورٌ
رَحِيمٌ) [التوبة : ٢٥]. وقال
الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة عن سماك ، قال : سمعت
عياضا الأشعري قال : شهدت اليرموك وعلينا خمسة أمراء : أبو عبيدة ، ويزيد بن أبي
سفيان ، وابن حسنة ، وخالد بن الوليد ، وعياض وليس عياض هذا الذي حدث سماكا قال :
وقال عمر : إذا كان قتال فعليكم أبو عبيدة ، قال : فكتبنا إليه إنه قد جاش إلينا
الموت ، واستمددناه ، فكتب إلينا : إنه قد جاءني كتابكم تستمدونني ، وإني أدلكم
على من هو أعز نصرا ، وأحصن جندا : الله عزوجل فاستنصروه ، فإن محمدا صلىاللهعليهوسلم قد نصر يوم بدر في أقل من عدتكم ، فإذا جاءكم كتابي هذا ،
فقاتلوهم ولا تراجعوني ، قال : فقاتلناهم فهزمناهم أربعة فراسخ ، قال : وأصبنا
أموالا فتشاورنا ، فأشار
__________________