عيسى عبد الله ورسوله ، ولو عجل عليه بالسلاح ، حدثني إسحاق بن إبراهيم وحبيب بن الشهيد ، حدثنا عتاب بن بشير عن خصيف ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) قال : هي في قراءة أبي قبل موتهم ، ليس يهودي يموت أبدا حتى يؤمن بعيسى ، قيل لابن عباس : أرأيت إن خرّ من فوق بيت؟ قال : يتكلم به في الهويّ ، قيل : أرأيت إن ضربت عنق أحدهم؟ قال : يلجلج بها لسانه ، وكذا روى سفيان الثوري عن خصيف ، عن عكرمة ، عن ابن عباس (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) قال: لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى عليهالسلام وإن ضرب بالسيف تكلم به ، قال : وإن هوى تكلم به وهو يهوي ، وكذا روى أبو داود الطيالسي عن شعبة ، عن أبي هارون الغنوي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، فهذه كلها أسانيد صحيحة إلى ابن عباس ، وكذا صح عن مجاهد وعكرمة ومحمد بن سيرين ، وبه يقول الضحاك وجويبر. وقال السدي وحكاه عن ابن عباس ، ونقل قراءة أبي بن كعب : قبل موتهم ، وقال عبد الرزاق ، عن إسرائيل ، عن فرات القزاز ، عن الحسن في قوله : (إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) قال : لا يموت أحد منهم حتى يؤمن بعيسى قبل أن يموت ، وهذا يحتمل أن يكون مراد الحسن ما تقدم عنه ، ويحتمل أن يكون مراده ما أراده هؤلاء.
قال ابن جرير (١) ، وقال آخرون : معنى ذلك وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بمحمدصلىاللهعليهوسلم قبل موت صاحب الكتاب (٢).
ذكر من قال ذلك : (٣) حدثني ابن المثنى ، حدثنا الحجاج بن المنهال ، حدثنا حماد عن حميد ، قال : قال عكرمة : لا يموت النصراني ولا اليهودي حتى يؤمن بمحمد صلىاللهعليهوسلم [يعني في] (٤) قوله : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) ثم قال ابن جرير : وأولى هذه الأقوال بالصحة القول الأول ، وهو أنه لا يبقى أحد من أهل الكتاب بعد نزول عيسى عليهالسلام إلا آمن به قبل موت عيسى عليهالسلام ، ولا شك أن هذا الذي قاله ابن جرير هو الصحيح ، لأنه المقصود من سياق الآي في تقرير بطلان ما ادعته اليهود من قتل عيسى وصلبه ، وتسليم من سلم لهم من النصارى الجهلة ذلك ، فأخبر الله أنه لم يكن كذلك ، وإنما شبّه لهم ، فقتلوا الشبه وهم لا يتبينون ذلك ، ثم إنه رفعه إليه ، وإنه باق حي ، وإنه سينزل قبل يوم القيامة ، كما دلت عليه الأحاديث المتواترة التي سنوردها إن شاء الله قريبا ، فيقتل مسيح الضلالة ، ويكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية يعني لا يقبلها من أحد من أهل الأديان ، بل
__________________
(١) تفسير الطبري ٤ / ٣٦٠.
(٢) في الطبري : «قبل موت الكتابي».
(٣) العبارة للطبري.
(٤) زيادة من الطبري.