عن محمد (١) بن إسحاق ، حدثنا يزيد بن عبد الله بن قسيط عن القعقاع بن عبد الله بن أبي حدود رضي الله عنه ، قال : بعثنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى إضم فخرجت في نفر من المسلمين فيهم أبو قتادة الحارث بن ربعي ، ومحلم بن جثامة بن قيس ، فخرجنا حتى إذا كنا ببطن إضم ، مر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي على قعود (٢) له ، معه متيع له ووطب من لبن ، فلما مر بنا سلم علينا ، فأمسكنا عنه ، وحمل عليه محلم بن جثامة فقتله ، لشيء كان بينه وبينه ، وأخذ بعيره ومتيعه ، فلما قدمنا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأخبرناه الخبر نزل فينا (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ـ إلى قوله تعالى ـ خَبِيراً) تفرد به أحمد.
وقال ابن جرير (٣) : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا جرير عن ابن إسحاق ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم محلم بن جثامة مبعثا ، فلقيهم عامر بن الأضبط فحياهم بتحية الإسلام ، وكانت بينهم إحنة في الجاهلية ، فرماه محلم بسهم فقتله ، فجاء الخبر إلى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، فتكلم فيه عيينة والأقرع : فقال الأقرع يا رسول الله ، سر اليوم وغر غدا ، فقال عيينة : لا والله حتى تذوق نساؤه من الثكل ما ذاق نسائي ، فجاء محلم في بردين فجلس بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليستغفر له ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «لا غفر الله لك» ، فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه ، فما مضت له سابعة حتى مات ودفنوه ، فلفظته الأرض ، فجاؤوا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فذكروا ذلك له ، فقال : «إن الأرض تقبل من هو شر من صاحبكم ، ولكن الله أراد أن يعظكم» ثم طرحوه بين صدفي جبل وألقوا عليه الحجارة فنزلت (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا) الآية.
وقال البخاري (٤) : قال حبيب بن أبي عمرة عن سعيد ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم للمقداد : «إذا كان رجل مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار فقتلته ، فكذلك كنت تخفي إيمانك بمكة من قبل» هكذا ذكره البخاري معلقا مختصرا ، وقد روي مطولا موصولا ، فقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا حماد بن علي البغدادي ، حدثنا جعفر بن سلمة ، حدثنا أبو بكر بن علي بن مقدم ، حدثنا حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم سرية فيها المقداد بن الأسود ، فلما أتوا القوم وجدوهم قد تفرقوا ، وبقي رجل له مال كثير لم يبرح ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأهوى عليه المقداد فقتله ، فقال له رجل من أصحابه : أقتلت رجلا شهد أن لا إله إلا الله؟ والله لأذكرن ذلك للنبي صلىاللهعليهوسلم ، فلما قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم قالوا : يا رسول الله ، إن رجلا شهد أن لا إله إلا الله ، فقتله المقداد ، فقال :
__________________
(١) في المسند : «عن إسحاق».
(٢) القعود : البعير.
(٣) تفسير الطبري ٤ / ٢٢٤.
(٤) صحيح البخاري (ديات باب ١)