جعفر ، حدثنا سمويه ، حدثنا عبد الأعلى بن مسهر ، حدثنا صدقة بن خالد ، حدثنا خالد بن دهقان ، حدثنا ابن أبي زكريا ، قال سمعت أم الدرداء تقول : سمعت أبا الدرداء يقول : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركا ، أو من قتل مؤمنا متعمدا» وهذا غريب جدا من هذا الوجه ، والمحفوظ حديث معاوية المتقدم ، فالله أعلم ، ثم روى ابن مردويه من طريق بقية بن الوليد عن نافع بن يزيد : حدثني ابن جبير الأنصاري عن داود بن الحصين ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من قتل مؤمنا متعمدا فقد كفر بالله عزوجل» وهذا حديث منكر أيضا ، فإسناده متكلم فيه جدا.
قال الإمام أحمد (١) : حدثنا النضر ، حدثنا سليمان بن المغيرة ، حدثنا حميد ، قال : أتاني أبو العالية أنا وصاحب لي ، فقال لنا : هلما فأنتما أشب سنا مني ، وأوعى للحديث مني ، فانطلق بنا إلى بشر بن عاصم ، فقال له أبو العالية : حدث هؤلاء بحديثك ، فقال : حدثنا عقبة بن مالك الليثي قال : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم سرية فأغارت على قوم ، فشد مع القوم رجل فاتبعه رجل من السرية شاهرا سيفه ، فقال الشاد من القوم : إني مسلم فلم ينظر فيما قال ، قال : فضربه فقتله ، فنمي الحديث إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال فيه قولا شديدا ، فبلغ القاتل ، فبينا رسول اللهصلىاللهعليهوسلم يخطب إذ قال القاتل : والله ما قال الذي قال إلا تعوذا من القتل ، قال : فأعرض رسول الله صلىاللهعليهوسلم عنه وعمن قبله من الناس وأخذ في خطبته ، ثم قال أيضا : يا رسول الله ما قال الذي قال إلا تعوذا من القتل ، فأعرض عنه وعمن قبله من الناس وأخذ في خطبته ثم لم يصبر حتى قال الثالثة : والله يا رسول الله ما قال الذي قال إلا تعوذا من القتل ، فأقبل عليه رسول اللهصلىاللهعليهوسلم تعرف المساءة في وجهه ، فقال : «إن الله أبى على من قتل مؤمنا ثلاثا» ورواه النسائي من حديث سليمان بن المغيرة.
والذي عليه الجمهور من سلف الأمة وخلفها أن القاتل له توبة فيما بينه وبين الله عزوجل ، فإن تاب وأناب ، وخشع وخضع وعمل عملا صالحا بدل الله سيئاته حسنات ، وعوض المقتول من ظلامته وأرضاه عن ظلامته ، قال الله تعالى : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ ـ إلى قوله ـ إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً) [الفرقان : ٦٨] ، وهذا خبر لا يجوز نسخه وحمله على المشركين وحمل هذه الآية على المؤمنين خلاف الظاهر ، ويحتاج حمله إلى دليل ، والله أعلم. وقال تعالى : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ) [الزمر : ٥٣] ، وهذا عام في جميع الذنوب من كفر وشرك وشك ونفاق وقتل وفسق وغير ذلك ، كل من تاب أي من أي ذلك تاب الله عليه ، قال الله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) [النساء : ١١٦] فهذه الآية عامة في جميع الذنوب ما عدا الشرك ، وهي مذكورة في هذه السورة الكريمة بعد هذه الآية وقبلها لتقوية الرجاء ، والله
__________________
(١) مسند أحمد ٥ / ٢٨٨ ـ ٢٨٩.