بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها) فرددناها عليك» ، وهكذا رواه ابن أبي حاتم معلقا ، فقال : ذكر عن أحمد بن الحسن الترمذي حدثنا عبد الله بن السري أبو محمد الأنطاكي ، قال أبو الحسن ، وكان رجلا صالحا : حدثنا هشام بن لاحق فذكره بإسناده مثله ، ورواه أبو بكر بن مردويه : حدثنا عبد الباقي بن قانع ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن لاحق أبو عثمان فذكره مثله ، ولم أره في المسند ، والله أعلم.
وفي هذا الحديث دلالة على أنه لا زيادة في السلام على هذه الصفة ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، إذ لو شرع أكثر من ذلك لزاده رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وقال الإمام أحمد (١) : حدثنا محمد بن كثير أخو سليمان عن كثير ، حدثنا جعفر بن سليمان بن عوف ، عن أبي رجاء العطاردي ، عن عمران بن حصين أن رجلا جاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : السلام عليكم يا رسول الله فرد عليه ثم جلس فقال : «عشر» ، ثم جاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله يا رسول الله ، فرد عليه ثم جلس ، فقال : «عشرون» ، ثم جاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فرد عليه ، ثم جلس فقال : «ثلاثون» ، وكذا رواه أبو داود عن محمد بن كثير وأخرجه الترمذي والنسائي والبزار من حديثه ، ثم قال الترمذي : حسن غريب من هذا الوجه. وفي الباب عن أبي سعيد وعلي وسهل بن حنيف ، وقال البزار : قد روي هذا عن النبي صلىاللهعليهوسلم من وجوه هذا أحسنها إسنادا.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن حرب الموصلي ، حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرواسي عن الحسن بن صالح ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : من سلم عليك من خلق الله فاردد عليه وإن كان مجوسيا ، ذلك بأن الله يقول : فحيوا بأحسن منها أو ردوها ، وقال قتادة : فحيوا بأحسن منها ، يعني للمسلمين ، أو ردوها يعني لأهل الذمة.
وهذا التنزيل فيه نظر كما تقدم في الحديث من أن المراد أن يرد بأحسن مما حياه به ، فإن بلغ المسلم غاية ما شرع في السلام ، رد عليه مثل ما قال ، فأما أهل الذمة فلا يبدءون بالسلام ولا يزادون ، بل يرد عليهم بما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم : السام عليكم ، فقل : وعليك» (٢) في صحيح مسلم عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه» (٣). وقال سفيان الثوري ، عن رجل ، عن الحسن البصري ، قال : السلام تطوع والرد فريضة ، وهذا الذي قال هو قول العلماء قاطبة ، أن الرد واجب على من سلم عليه ، فيأثم إن لم يفعل ، لأنه خالف أمر الله في قوله : فحيوا بأحسن منها أو ردوها
__________________
(١) مسند أحمد ١ / ٤٣٩.
(٢) صحيح البخاري (استئذان باب ٢٢) وصحيح مسلم (سلام حديث ٩)
(٣) صحيح مسلم (سلام حديث ١٤)