علي : اجلدوهن ، ثم قال ابن أبي حاتم : وهو حديث منكر (١). (قلت) وفي إسناده ضعف ، وفيه من لم يسم ، ومثله لا تقوم به حجة. وقال القاسم وسالم : إحصانها إسلامها وعفافها. وقيل : المراد به هاهنا التزويج ، وهو قول ابن عباس ومجاهد وعكرمة وطاوس وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وغيرهم. ونقله أبو علي الطبري في كتابه الإيضاح عن الشافعي ، فيما رواه أبو الحكم بن عبد الحكم عنه. وقد روى ليث بن أبي سليم عن مجاهد أنه قال : إحصان الأمة أن ينكحها الحر ، وإحصان العبد أن ينكح الحرة ، وكذا روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، رواهما ابن جرير (٢) في تفسيره. وذكره ابن أبي حاتم عن الشعبي والنخعي. وقيل : معنى القراءتين متباين. فمن قرأ : أحصن بضم الهمزة فمراده التزويج ، ومن قرأ بفتحها فمراده الإسلام. اختاره أبو جعفر بن جرير(٣) في تفسيره وقرره ونصره ، والأظهر ـ والله أعلم ـ أن المراد بالإحصان هاهنا التزويج ، لأن سياق الآية يدل عليه حيث يقول سبحانه وتعالى : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ) والله أعلم. والآية الكريمة سياقها كلها في الفتيات المؤمنات فتعين أن المراد بقوله : (فَإِذا أُحْصِنَ) أي تزوجن ، كما فسره ابن عباس ومن تبعه ، وعلى كل من القولين إشكال على مذهب الجمهور ، وذلك أنهم يقولون : إن الأمة إذا زنت فعليها خمسون جلدة ، سواء كانت مسلمة أو كافرة ، مزوجة أو بكرا ، مع أن مفهوم الآية يقتضي أنه لاحد على غير المحصنة ممن زنى من الإماء. وقد اختلفت أجوبتهم عن ذلك ، فأما الجمهور فقالوا : لا شك أن المنطوق مقدم على المفهوم. وقد وردت أحاديث عامة في إقامة الحد على الإماء ، فقدمناها على مفهوم الآية. فمن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن علي رضي الله عنه أنه خطب فقال : يا أيها الناس أقيموا على أرقائكم الحد من أحصن منهم ومن لم يحصن ، فإن أمة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم زنت ، فأمرني أن أجلدها ، فإذا هي حديثة عهد بنفاس فخشيت إن جلدتها أن أقتلها ، فذكرت ذلك لنبي الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «أحسنت اتركها حتى تماثل» (٤) ، وعند عبد الله بن أحمد عن غير أبيه «فإذا تعالت (٥) من نفسها حدّها خمسين» وعن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها ، فليجلدها الحد ، ولا يثرب عليها ، ثم إن زنت الثانية ، فليجلدها الحد ، ولا يثرب عليها ، ثم إن زنت الثالثة فتبين زناها فليبعها ولو
__________________
(١) انظر الدر المنثور ٢ / ٢٥٤.
(٢) تفسير الطبري ٤ / ٢٦.
(٣) تفسير الطبري ٤ / ٢٦.
(٤) صحيح مسلم (حدود حديث ٣٤)
(٥) تعالت المرأة : طهرت.