عمر بن عبد العزيز لما بلغه هذا الحديث : إن هذا الفرق بين الصغير والكبير.
واختلفوا في إنبات الشعر الخشن حول الفرج ، وهي الشعرة ، هل تدل على بلوغ أم لا؟ على ثلاثة أقوال ، يفرق في الثالث بين صبيان المسلمين فلا يدل على ذلك لاحتمال المعالجة ، وبين صبيان أهل الذمة فيكون بلوغا في حقهم لأنه لا يتعجل بها إلى ضرب الجزية عليه. فلا يعالجها ، والصحيح أنها بلوغ في حق الجميع لأن هذا أمر جبلي يستوي فيه الناس واحتمال المعالجة بعيد ، ثم قد دلت السنة على ذلك في الحديث الذي رواه الإمام أحمد (١) عن عطية القرظي رضي الله عنه ، قال : عرضنا على النبي صلىاللهعليهوسلم يوم قريظة ، فكان من أنبت قتل ومن لم ينبت خلى سبيله ، فكنت فيمن لم ينبت فخلي سبيلي ، وقد أخرجه أهل السنن الأربعة بنحوه ، وقال الترمذي : حسن صحيح وإنما كان كذلك لأن سعد بن معاذ كان قد حكم فيهم بقتل المقاتلة وسبي الذرية.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الغريب : حدثنا ابن علية عن إسماعيل بن أمية ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن عمر ، أن غلاما ابتهر جارية في شعره ، فقال عمر رضي الله عنه : انظروا إليه فلم يوجد أنبت فدرأ عنه الحد ، قال أبو عبيد : ابتهرها أي قذفها ، والابتهار أن يقول فعلت بها وهو كاذب ، فإن كان صادقا فهو الابتيار ، قال الكميت في شعره : [المتقارب]
قبيح بمثلي نعت الفتاة |
|
إما ابتهارا وإما ابتيارا (٢) |
وقوله عزوجل : (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) قال سعيد بن جبير : يعني صلاحا في دينهم وحفظا لأموالهم. وكذا روي عن ابن عباس والحسن البصري وغير واحد من الأئمة وهكذا قال الفقهاء : متى بلغ الغلام مصلحا لدينه وماله انفك الحجر عنه فيسلم إليه ماله الذي تحت يد وليه بطريقه ، وقوله : (وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا) ينهى تعالى عن أكل أموال اليتامى من غير حاجة ضرورية (إِسْرافاً وَبِداراً) أي مبادرة قبل بلوغهم ، ثم قال تعالى : (وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ) من كان في غنية عن مال اليتيم فليستعفف عنه ولا يأكل منه شيئا ، وقال الشعبي : هو عليه كالميتة والدم (وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ).
قال ابن أبي حاتم : حدثنا الأشج ، حدثنا عبد الله بن سليمان ، حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة ، (وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ) نزلت في مال اليتيم ، وحدثنا الأشج وهارون بن إسحاق قالا : حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام عن أبيه عن عائشة : (وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) نزلت في والي اليتيم الذي يقوم عليه ويصلحه إذا كان محتاجا أن يأكل منه،
__________________
(١) مسند أحمد ٤ / ٣١٠.
(٢) البيت للكميت في ديوانه ١ / ٢٠٢ ولسان العرب (بهر ، بور) وتهذيب اللغة ١٥ / ٢٦٦ ومقاييس اللغة ١ / ٣٠٩ ومجمل اللغة ١ / ٢٩٨ وتاج العروس (بهر ، بور)