قال الشافعي : وقد دلت سنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم المبينة عن الله أنه لا يجوز لأحد غير رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يجمع بين أكثر من أربع نسوة ، وهذا الذي قاله الشافعي رحمهالله مجمع عليه بين العلماء إلا ما حكي عن طائفة من الشيعة ، أنه يجوز الجمع بين أكثر من أربع إلى تسع. وقال بعضهم : بلا حصر. وقد يتمسك بعضهم بفعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم في جمعه بين أكثر من أربع إلى تسع كما ثبت في الصحيحين ، وأما إحدى عشرة كما جاء في بعض ألفاظ البخاري : وقد علقه البخاري وقد روينا عن أنس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم تزوج بخمس عشرة امرأة ، ودخل منهن بثلاث عشرة ، واجتمع عنده إحدى عشرة ، ومات عن تسع. وهذا عند العلماء من خصائصه دون غيره من الأمة لما سنذكره من الأحاديث الدالة على الحصر في أربع ، ولنذكر الأحاديث في ذلك.
قال الإمام أحمد (١) : حدثنا إسماعيل ومحمد بن جعفر قالا : حدثنا معمر عن الزهري ، قال ابن جعفر في حديثه : أنبأنا ابن شهاب عن سالم عن أبيه أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم «اختر منهن أربعا» فلما كان في عهد عمر طلق نساءه ، وقسم ماله بين بنيه ، فبلغ ذلك عمر فقال : إني لأظن الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموتك فقذفه في نفسك ، ولعلك لا تمكث إلا قليلا. وايم الله لتراجعن نساءك ولترجعن في مالك أو لأورثهن منك ولآمرن بقبرك فيرجم كما رجم قبر أبي رغال.
وهكذا رواه الشافعي والترمذي وابن ماجة والدار قطني والبيهقي وغيرهم ، من طرق عن إسماعيل بن علية وغندر ويزيد بن زريع وسعيد بن أبي عروبة وسفيان الثوري وعيسى بن يونس ، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي ، والفضل بن موسى وغيرهم من الحفاظ ، عن معمر بإسناده مثله إلى قوله : «اختر منهن أربعا» وباقي الحديث في قصة عمر من أفراد أحمد ، وهي زيادة حسنة وهي مضعّفة لما علل به البخاري هذا الحديث فيما حكاه عنه الترمذي حيث قال بعد روايته له سمعت البخاري يقول : هذا الحديث غير محفوظ. والصحيح ما روى شعيب وغيره عن الزهري. حدّثت عن محمد بن سويد الثقفي أن غيلان بن سلمة ـ فذكره. قال البخاري : وإنما حديث الزهري عن سالم ، عن أبيه أن رجلا من ثقيف طلق نساءه فقال له عمر : لتراجعن نساءك أو لأرجمن قبرك كما رجم قبر أبي رغال. وهذا التعليل فيه نظر ، والله أعلم ـ وقد رواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري مرسلا. وهكذا رواه مالك عن الزهري مرسلا. قال أبو زرعة : وهو أصح. وقال البيهقي : ورواه عقيل عن الزهري : بلغنا عن عثمان بن محمد بن أبي سويد. وقال أبو حاتم : وهذا وهم إنما هو الزهري ، عن محمد بن سويد. بلغنا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ فذكره. قال البيهقي : ورواه يونس وابن عيينة عن الزهري عن
__________________
(١) مسند أحمد ٢ / ١٤.