ويلقي عليه الجحفة يعني الترس ، فلما رأى ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم من الناس نادى «من يحرسنا في هذه الليلة فأدعو له بدعاء يكون له فيه فضل؟» فقال رجل من الأنصار : أنا يا رسول الله فقال «ادن» فدنا ، فقال «من أنت؟» فتسمى له الأنصاري ، ففتح رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالدعاء فأكثر منه. فقال أبو ريحانة : فلما سمعت ما دعا به رسول الله صلىاللهعليهوسلم قلت : أنا رجل آخر ، فقال «ادن» ، فدنوت فقال «من أنت؟» قال : فقلت : أنا أبو ريحانة ، فدعا بدعاء هو دون ما دعا للأنصاري ، ثم قال «حرمت النار على عين دمعت ـ أو بكت ـ من خشية الله ، وحرمت النار على عين سهرت في سبيل الله» وروى النسائي منه «حرمت النار» إلى آخره عن عصمة بن الفضل عن زيد بن الحباب به ، وعن الحارث بن مسكين عن ابن وهب عن عبد الرحمن بن شريح به ، وأتم وقال في الروايتين عن أبي علي الجنبي.
حديث آخر : قال الترمذي (١) : حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، حدثنا بشر بن عمر ، حدثنا شعيب بن رزيق أبو شيبة عن عطاء الخراساني ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس ، قال سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول «عينان لا تمسهما النار : عين بكت من خشية الله ، وعين باتت تحرس في سبيل الله» ثم قال : حسن غريب ، لا نعرفه إلا من حديث شعيب بن رزيق ، قال وفي الباب عن عثمان وأبي ريحانة. (قلت) وقد تقدما ، ولله الحمد والمنة.
حديث آخر : ـ قال الإمام أحمد (٢) : حدثنا يحيى بن غيلان ، حدثنا رشدين عن زياد ، عن سهل بن معاذ ، عن أبيه معاذ بن رضي الله عنه أنس عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «من حرس من وراء المسلمين متطوعا لا بأجرة سلطان ، لم ير النار بعينيه إلا تحلة القسم ، فإن الله يقول (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) [مريم : ٧١] تفرد به أحمد رحمهالله.
حديث آخر : ـ روى البخاري (٣) في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة ، إن أعطي رضي ، وإن لم يعط سخط ، تعس وانتكس ، وإذا شيك فلا انتقش ، طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه ، مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة ، وإن كان في الساقة كان في الساقة ، إن استأذن لم يؤذن له ، وإن شفع لم يشفع». فهذا آخر ما تيسر إيراده من الأحاديث المتعلقة بهذا المقام ، ولله الحمد على جزيل الإنعام ، على تعاقب الأعوام والأيام.
وقال ابن جرير (٤) : حدثني المثنى ، حدثنا مطرف بن عبد الله المدني ، حدثنا مالك عن زيد بن أسلم قال : كتب أبو عبيدة إلى عمر بن الخطاب يذكر له جموعا من الروم وما يتخوف
__________________
(١) سنن الترمذي (فضائل الجهاد باب ١٢)
(٢) مسند أحمد ٣ / ٤٣٧ ـ ٤٣٨.
(٣) صحيح البخاري (جهاد باب ٧٠ ورقاق باب ١٠)
(٤) تفسير الطبري ٣ / ٥٦٢.