ويتأكد الوضوء وصلاة ركعتين عند التوبة لما رواه الإمام أحمد (١) بن حنبل : حدثنا وكيع ، حدثنا مسعر وسفيان الثوري عن عثمان بن المغيرة الثقفي ، عن علي بن ربيعة ، عن أسماء بن الحكم الفزاري عن علي رضي الله عنه ، قال : كنت إذا سمعت من رسول الله صلىاللهعليهوسلم حديثا ، نفعني الله بما شاء منه. وإذا حدثني عنه غيره استحلفته ، فإذا حلف لي صدقته ، وإن أبا بكر رضي الله عنه حدثني ـ وصدق أبو بكر ـ أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال «ما من رجل يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الوضوء ـ قال مسعر ـ فيصلي ـ وقال سفيان ـ ثم يصلي ركعتين ، فيستغفر الله عزوجل إلا غفر له» وهكذا رواه علي بن المديني والحميدي وأبو بكر بن أبي شيبة وأهل السنن وابن حبان في صحيحه والبزار والدار قطني من طرق عن عثمان بن المغيرة به ، وقال الترمذي : هو حديث حسن ، وقد ذكرنا طرقه ، والكلام عليه مستقصى في مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وبالجملة فهو حديث حسن ، وهو من رواية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عن خليفة النبي أبي بكر الصديق رضي الله عنهما.
ومما يشهد بصحة هذا الحديث ما رواه مسلم في صحيحه عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ ـ أو فيسبغ ـ الوضوء ، ثم يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية ، يدخل من أيها شاء».
وفي الصحيحين عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه توضأ لهم وضوء النبي صلىاللهعليهوسلم ، ثم قال : سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم يقول «من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه ، غفر له ما تقدم من ذنبه» (٢) فقد ثبت هذا الحديث من رواية الأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين ، عن سيد الأولين والآخرين ، ورسول رب العالمين ، كما دل عليه الكتاب المبين ، من أن الاستغفار من الذنب ينفع العاصين.
وقد قال عبد الرزاق : أنبأنا جعفر بن سليمان عن ثابت ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال : بلغني أن إبليس حين نزلت هذه الآية (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) الآية ، بكى. وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا محرز بن عون ، حدثنا عثمان بن مطر ، حدثنا عبد الغفور عن أبي نصيرة ، عن أبي رجاء ، عن أبي بكر رضي الله عنه ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، قال «عليكم بلا إله إلا الله ، والاستغفار ، فأكثروا منهما ، فإن إبليس قال : أهلكت الناس بالذنوب وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار ، فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء ، فهم يحسبون أنهم مهتدون» عثمان بن مطر وشيخه ضعيفان.
__________________
(١) مسند أحمد ١ / ٢.
(٢) صحيح البخاري (وضوء باب ٢٤ و ٢٨) وصحيح مسلم (طهارة حديث ٤٢٣)